« وللآخرة أكبر درجات » فذلك أولى أن يرغب فيه ، فقد يكون كثير من المماليك خيرا من ساداتهم وان كانوا جميعا مسلمين ، وكذا الفقير والغني جميعه نوع من التكليف.
(باب)
(بيع أمهات الأولاد)
أم الولد هي التي تلد من مولدها ، سواء كان ما وضعته تاما أو غير تام وان أسقطت نطفة. ويجوز بيعها بعد وفاة أولادها ، والدليل عليه قول الله تعالى « وأحل الله البيع وحرم الربا » (١) ، وهذا عام في أمهات الأولاد وغيرهن.
فان قيل : قد أجمعنا على أن قوله « وأحل الله البيع » مشروط بالملك ، فان بيع مالا يملكه لا يجوز.
قلنا : الملك باق في أم الولد بلا خلاف ، لان وطؤها مباح له ، ولا وجه لاباحته الا بملك اليمين.
ويدل عليه أيضا أنه لا خلاف في جواز عتقها بعد الولد ولو لم يكن الملك لما جاز العتق ، وكذلك أجمعوا على أن قاتلها لا يجب عليه الدية وانما يجب عليه قيمتها إذا كانت دون دية الحرة أو مثلها ، وكذلك يجوز مكاتبتها وأن يأخذ سيدها ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها. وهذا كله يدل على بقاء الملك.
وحمل ذلك على الرهن وان ملك الشئ المرهون هو باق للراهن وان لم يجز بيعه ، فذلك قياس ونحن لا نقول به.
على أنهم إذا سلموا بقاء الملك في أمهات الأولاد فبقاؤه يقتضي استمرار أحكامه ، وإذا ادعوا فيه النقصان طولبوا بالدلالة ولم يجدوها. على أنه لو سلمنا
__________________
١) سورة البقرة : ٢٧٥.