إلى من له القيام بأمرهم على ضرب من المجاز ، أو لأنه لا يعطى الأولياء ما يخصهم لمن هو سفيه.
ويجرى ذلك مجرى قول القائل لواحد : يا فلان أكلتم أموالكم بينكم بالباطل. فيخاطب الواحد بخطاب الجميع ويريد به أنك وأصحابك أكلتم.
والتقدير في الآية : لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم فتضيعوها.
ومعنى قوله « وقولوا لهم قولا معروفا » أي يا معشر ولاة السفهاء قولوا للسفهاء ان صلحتم ورشدتم سلمنا إليكم أموالكم. وقال الزجاج : علموهم مع اطعامكم إياهم وكسوتهم أمر دينهم.
وفي الآية دلالة على جواز الحجر على اليتيم إذا بلغ ولم يؤنس منه الرشد ، لأنه منع تعالى من دفع المال إلى السفهاء. وفيها أيضا دلالة على وجوب الوصية إذا كان الورثة سفهاء ، لان ترك الوصية بمنزلة اعطاء المال في حال الحياة إلى من هو سفيه.
وانما سمي الناقص العقل سفيها وان لم يكن عاصيا لان السفه هو خفة الحلم.
(فصل)
ثم قال تعالى « وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم » (١) هذا خطاب لأولياء اليتامى. أمر الله أن يختبروا عقول اليتامى في أفهامهم وصلاحهم في أديانهم واصلاح أموالهم.
وقوله « حتى إذا بلغوا النكاح » معناه حتى يبلغوا الحد الذي يقدر على مجامعة النساء وينزل ، وليس المراد الاحتلام ، لان في الناس من لا يحتلم أو يتأخر احتلامه.
__________________
١) سورة النساء : ٦.