(باب الوديعة)
اعلم أن الوديعة حكم في الشريعة ، لقوله تعالى « ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها » (١) وقال تعالى « فان أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته » (٢).
والوديعة مشتقة من ودع يدع : إذا استقر وسكن ، يقال : أودعته أودعه إذا أقررته وأسكنته.
وروي أن النبي صلىاللهعليهوآله كانت عنده ودائع بمكة ، فلما أراد أن يهاجر أودعها أم أيمن وأمر عليا عليهالسلام بردها على أصحابها (٣).
فإذا ثبت ذلك فالوديعة أمانة لا ضمان على المودع ما لم يفرط ، وقال النبي صلىاللهعليهوآله : ليس على المودع ضمان (٤).
فأما قوله تعالى « ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك » يعني به النصارى لأنهم لا يستحلون أموال من خالفهم « ومنهم من أن تأمنه بدينار لا يؤده إليك » يعني اليهود لأنهم يستحلون مال كل من خالفهم في حل السبت « لا ما دمت عليه قائما » (٥) على رأسه بالتقاضي والمطالبة ، قائما بالاجماع والملازمة. والفرق بين تأمنه بقنطار وعلى قنطار أن معنى الباء الصاق الأمانة ومعنى على استعلاء الأمانة ، وهما متعاقبان في هذا الموضع لتقارب المعنى كما يقال « مررت به وعليه ».
__________________
١) سورة النساء : ٥٨.
٢) سورة البقرة : ٢٨٣.
٣) مستدرك الوسائل ٢ / ٥٠٤.
٤) المصدر السابق ٢ / ٥٠٦.
٥) سورة آل عمران : ٧٥.