اؤتمن الأمانة ، يعني على الذي عليه الدين بأن يؤدي إليه حقه في محله ويؤدي الأمانة كما وثق به واعتقد فيه ، أي ليقض دينه الذي أمنه عليه. والائتمان افتعال من الامن ، يقال أمنه وائتمنه.
« وليتق الله ربه » أن يظلمه أو يخونه وهو وثق به وائتمنه ولم يرتهن منه شيئا.
وقرأ ابن عباس ومجاهد « ولم تجدوا كتابا » يعني ما تكتبون فيه من طرس وغيره.
وإذا ارتهن صاحب الدين وأشهد فقد أكد الاحتياط. ولا بأس أن يكون الرهن أكثر قيمة من المال الذي عليه أو أقل ثمنا منه أو مساويا له ، لان عموم اللفظ يتناوله على الأحوال.
وانما قلنا إن الأحوط هو الاشهاد مع التمكن وان استوثق من ماله رهنا ، لأنه ان اختلفا في مقدار المبلغ الذي الرهن لأجله كان على المرتهن البينة ، فإن لم يكن له بينة فعلى صاحب الرهن اليمين. وكذا إذا اختلفا في متاع فقال الذي عنده أنه رهن وقال صاحب المتاع أنه وديعة كان على المدعي لكونه رهنا البينة بأنه رهن ، وقد روي أن القول قول المرتهن مع يمينه لأنه أمينه ، والبينة على الراهن ما لم يستغرق الرهن ثمنه.
ومن أدل الدليل على أن الاشهاد والارتهان يصح اجتماعهما قوله تعالى بعد هذا « ولا تكتموا الشهادة » يعني بعد تحملها « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » انما أضاف إلى القلب مجازا لأنه على الكتمان ، والا فالاثم هو الحي ، وقالت عائشة : الصامت عن الحق كالناطق بالباطل ، وكاتم الشهادة كشاهد الزور.
« والله بما تعملون عليم » يعني بما تسترونه وبما تكتمونه.
وانما ذكر تعالى بعد ذلك « وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله » لان المعنى فيه كتمان الشهادة. ويحتمل أن يريد جميع الأحكام التي تقدمت ، خوفهم الله من العمل بخلافه.