(باب)
(الأشربة المباحة والمحظورة)
قال الله تعالى « يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير » (١) قال أكثر المفسرين : الخمر عصير العنب التي إذا اشتد. وقال جمهور أهل المدينة : كلما أسكر كثيره فهو خمر ، وهو الظاهر في رواياتنا.
واشتقاقه في اللغة من قولهم « خمرت الشئ » أي سترته ، لأنها تغطي على العقل.
وكلما أسكر على اختلاف أنواعه حرام قليله وكثره لاشتراكهما في المعنى إذ يجري عليهما أجمع جميع أحكام الخمر.
وقوله تعالى « قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس » فالمنافع التي في الخمر ما كانوا يأخذونه في أثمانها وربح تجارتها وما فيها من اللذة بتناولها ، أي فلا يغتروا بالمنافع التي فيها فضررها أكثر من نفعها.
قال الحسن : وهذه الآية تدل على تحريم الخمر ، لأنه مع ذكر أن فيها اثما وقد حرم الله الاثم في قوله « قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم » (٢) ، على أنه تعالى قد وصفها بأن فيها اثما كبيرا ، والاثم الكبير محرم بلا خلاف.
وقال قوم : المعنى ان الاثم بشرب هذه والقمار بهذا أكبر وأعظم ، لأنهم كانوا إذا سكروا وثب بعضهم على بعض وقاتل بعضهم بعضا.
قال قتادة : وانما يدل على تحريمها الآية التي في المائدة من قوله « انما
__________________
١) سورة البقرة : ٢١٩.
٢) سورة الأعراف : ٣٣.