انها تأكل الحامض والمر فيجعله الله تعالى عسلا حلوا لذيذا فيه شفاء للناس.
وأكثر المفسرين على أن الهاء راجعة إلى العسل ، وهو الشراب الذي ذكر أن فيه شفاءا من كثير من الأمراض. وانما قال « من بطونها » وهو خارج من فيها لان العسل يخلقه الله في بطن النحل ثم يخرجه إلى فيه ثم يخرجه من فيه ، ولو قال من فيها لظن أنها تلقيه من فيها وليس بخارج من البطن.
وقال الرضي في كتاب مجاز القرآن : ان العسل عند المحققين من العلماء غير خارج من بطون النحل ، وانما تنقله بأفواهها من مساقطه ومواقعه من أوراق الأشجار وأصناف النبات (١) ، لأنه يسقط كسقوط الندى في أماكن مخصوصة وعلى أوصاف معلومة ، والنحل ملهمة بتتبع تلك المساقط [ وتعهد تلك المواقع ] (٢) فتنقل العسل بأفواهها إلى المواضع المعدة لها ، قال تعالى « يخرج من بطونها » والمراد من جهة بطونها وجهة بطونها أفواهها ، وهذا من غوامض البيان وشرائف الكلام (٤).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : اشربوا ماء السماء فإنه يطهر البدن ويدفع الأسقام ، قال تعالى « وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان » (٤).
وجاء رجل فشكى إليه وجع البطن فقال عليهالسلام : ألك زوجة؟ قال : نعم. قال : استوهب منها درهما من صداقها بطيبة نفسها من مالها واشتر به عسلا واسكب عليه من ماء السماء ثم اشربه. ففعل الرجل فبرء ، فسئل عليهالسلام عن ذلك فقال سمعت الله تعالى يقول في كتابه « فان طبن لكم عن شئ منه نفسا
__________________
١) في المصدر « وأضغاث النبات ».
٢) الزيادة من المصدر.
٣) تلخيص البيان ص ١٩٣.
٤) سورة الأنفال : ١١. والحديث في الكافي ٦ / ٣٨٧.