أراد به جميع الخلق ، لان النطفة التي خلقهم الله تعالى منها تكون من الغذاء والغذاء يكون من التراب والماء فكان أصلهم كلهم التراب ، ثم أحاله بالتدريج إلى النطفة ، ثم أحال النطفة علقة ـ وهي القطع من الدم جامدة ـ ثم أحال العلقة مضغة وهي شبيه قطعة من اللحم ممضوغة والمضغة مقدار ما يمضغ من اللحم ، فخلقه تامة الخلق وغير تامة ، وقيل متصورة وغير متصورة وهو السقط.
« ثم أنشأناه خلقا آخر » بنبات الأسنان والشعر وأعضاء العقل والفهم ، وقيل خلقا آخر أي ذكرا وأنثى.
وجاء في الأثر أن الصحابة احتلفوا في الموؤودة ما هي ، وهل الاعتزال وأد ، وهل اسقاط المرأة جنينها وأد. قال علي عليهالسلام : انها لا تكون موؤودة حتى يأتي عليها البارات السبع. فقال عمر : صدقت (١).
وأراد أمير المؤمنين عليهالسلام بالبارات السبع طبقات الخلق السبع المثبتة في قوله « ولقد خلقنا الانسان من سلالة » الآية. فعنى سبحانه ولادته ميتا ، فأشار علي عليهالسلام أنه إذا استهل بعد الولادة ثم دفن فقد وئد ، وقصد بذلك أن يدفع قول من توهم أن الحامل إذا أسقطت جنينها قبل أن تلجه الروح بالتداوي فقد وأدته.
(باب الزيادات)
اعلم أن الحر لا يقتل بالعبد أخذا بقوله تعالى « كتب عليكم القصاص في القتلى » ، وهي مفسرة لما أبهم في قوله « النفس بالنفس » ، لان تلك واردة لحكاية ما كتب في التوراة على أهلها وهذه خوطب بها المسلمون وكتب عليهم فيها.
وروي أنه كان بين حنين دماء في الجاهلية فأقسموا لنقتلن الاثنين بالواحد والحر بالعبد ، فتحاكموا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله حين جاء الاسلام ، فنزلت وأمرهم أن يتساووا.
__________________
١) الدر المنثور ٦ / ٣٢٠.