البر والتقوى باعتراضك به حالفا ، وتقدير ثانيهما لا تجعل الله بما تحلف به دائما باعتراضك بالحلف من كل حق وباطل لتكون من البررة والأتقياء.
وقيل في معنى قوله « أن تبروا » ثلاثة أقوال : أحدها لان تبروا على معنى الاثبات ، الثاني أن يكون على معنى لدفع أن تبروا أو لترك أن تبروا ، الثالث على تقدير ألا تبروا ، وحذفت « لا » لأنه في معنى القسم كقول امرئ القيس :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي |
أي لا أبرح ، هذا قول أبى عبيد. وأنكر هذا أبو العباس ، لأنه لما كان معه « أن » بطل أن يكون جواب القسم.
وفي موضع « أن تبروا » ثلاثة أقوال :
أحدها : أن موضعه الخفض ، فحذف اللام ـ عن الخليل والكسائي.
الثاني : موضعه النصب ، قال سيبويه لما حذف الخافض وصل الفعل ـ وهو القياس.
الثالث : قال قوم موضعه الرفع على أن يكون التقدير أن تبروا وتتقوا فتصلحوا بين الناس أولى ، وحذف أولى لأنه معلوم المعنى أجازه الزجاج.
وقال بعض المفسرين : فعلى هذا إذا حلف أن لا يعطي زيدا من معروفه ثم رأى أن بره خير أعطاه ونقض يمينه (١).
وعندنا لا كفارة عليه وجوبا وان كفر كان ندبا ، وانما جاز ذلك لأنه لا يخلو من أن يكون حلف يمينا جائزة أو غير جائزة ، فان كانت جائزة فهي مقيدة بأن لا يرى ما هو خير ، فليس في هذا مناقضة للجائز ، وان كانت غير جائزة فنقضها غير مكروه.
ثم قال « لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت
__________________
١) هذا الفصل إلى هنا مأخوذ من التبيان ٢ / ٢٢٥ ـ ٢٢٨.