قال ابن جبير : قوله تعالى « فيما يتلى عليكم » يعني قوله « يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة » (١).
وقد ذكرنا أن الجاهلية لا يورثون المرأة ولا المولود حتى يكبر ، فأنزل الله آية الميراث في أول النساء وهو معنى قوله « اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن » (٢) أي ترغبون فيهن ـ عن ابن سيرين. وقيل أي ترغبون أن تنكحوهن.
(فصل)
أما قوله « واني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا » (٣) فان المخالفين استدلوا بهذه الآية على أن البنت لا تحوز المال دون بني العم والعصبة ، قالوا لان زكريا طلب وليا ولم يطلب ولية. وهذا ليس بشئ ، لان زكريا انما طلب وليا لوجوه غير ذلك : منها أن الله تعالى كان وعده أنه يرزقه ولدا رضيا فسأل الله انجاح ذلك.
وقيل : انما طلب وليا لان من طباع البشر الرغبة في الذكور دون الإناث من الأولاد ، فلذلك طلب الذكر. على أنه قيل : ان لفظ « الولي » يقع على الذكر والأنثى ، فلا نسلم انه طلب الذكر ، بل الذي يقتضي الظاهر أنه طلب ولدا سواء كان ذكرا أو أنثى.
واعلم أن أكثر الخلاف بيننا وبين مخالفينا ومعظمه في الفرائض والمواريث على ثلاثة أشياء : العصبة ، والعول ، والرد. ونحن نبين بعد هذا أن الحق في
__________________
١) سورة النساء : ١٧٦.
٢) سورة النساء : ١٢٧.
٣) سورة مريم : ٥.