ج : بكاء الحيّ على الميّت ـ سواء كان قريباً أو بعيداً ، وسواء كان لمدّة قليلة أو طويلة ـ لا يوجد أيّ دليل على حرمته ، وإنّ ما اشتهر بين الوهابيّة حيث اتخذته ذريعة للطعن في المسلمين ، إنّما هو حديث اشتبه الراوي في نقله ، ولم يفهم مورده ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مرّ بقوم يبكون على ميّت لهم ، فقال : ما يغني عنه هذا الذي يبكونه ، وهو يعذّب في قبره ، وقد كان الميّت من غير المسلمين.
وهذا من جملة الموارد التي خطّأت عائشةُ أصحابَ النبيّ صلىاللهعليهوآله في روايتهم ونقلهم للأحاديث النبويّة ، فورد عنها أنّها قالت : يرحم الله عمر قال : يعذّب الميّت بالبكاء عليه , وإنّما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : ذلك اليهوديّ مات وأهله يندبونه ، فقال : ( ما يغني عنه هذا الذي يندبونه ، وهذا هو يعذّب في قبره ) (١).
( محمّد ـ المغرب ـ ٣١ سنة )
س : مادام في نظركم لا يوجد أيّ مانع من البكاء على الميّت ، فأين الدليل من الكتاب أو السنّة الشريفة؟ والسلام.
ج : أوضح ما يمكن أن يستدلّ به على جواز البكاء على الميّت فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله ، حيث بكى على ابنه ، كما روي في مصادر أهل السنّة (٢).
ولمّا قال له عبد الرحمن بن عوف : تبكي يا رسول الله ، أولم تنه عن البكاء؟ قال صلىاللهعليهوآله : ( إنّما نهيت عن النوح ... صوت عند مصيبة ، خمش وجوه ، وشقّ جيوب ، ورنّة شيطان ، إنّما هذه رحمة ... ) (٣).
____________
١ ـ مسند ابن راهويه ٣ / ٦٢٧.
٢ ـ مسند أحمد ٥ / ٢٠٦ ، صحيح البخاريّ ٢ / ٨٠ و ٨ / ١٦٥ ، صحيح مسلم ٣ / ٣٩ ، سنن النسائيّ ٤ / ٢٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٦٦ ، المصنّف للصنعانيّ ٣ / ٥٥٢.
٣ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٦٦ ، كنز العمّال ١٥ / ٦١٥ ، الطبقات الكبرى ١ / ١٣٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٢ ، المجموع ٥ / ٣٠٧.