وأمّا بالنسبة إلى القسم الثاني : وهو الرؤية المعنوية القلبية العقلية ، وهي أن ينتقل بنا العقل من معلوم إلى مجهول ، ومن شاهد محسوس إلى شاهد غائب.
فلقد رأت العيون الخلق ، وحكم العقل وجزم بوجود الخالق ، واعتقد القلب وآمن ، وهذا ما عناه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله لذعلب : ( تدركه القلوب بحقائق الإيمان ) ، أي آمن القلب حقّاً وواقعاً ؛ لأنّه رأى بعين الحسّ والعقل.
وبعبارة أُخرى : تدركه القلوب ـ أي تدركه العقول الصافية عن ملابسة الأبدان ـ بحقائق الإيمان ، أي بالأنوار العقلية الناشئة من الإيمان القوي ، والعلم والإذعان الخالص بوجود الباري عزّ وجلّ ، وأنّ الإيمان إذا اشتدّ يصبح مشاهدة قلبية ورؤية عقلية.
ولا يخفى أنّ إدراك القلوب فوق إدراك العيون ، لعدم وقوع اللبس والاشتباه في إدراكها بخلاف إدراك العيون ، فيقع اللبس والاشتباه فيها كثيراً ، ولبعضهم : لئن لم تَرَكَ العينُ فقد أبصركَ القلبُ.
والخلاصة : أنّ الإنسان المؤمن إذا وصل إلى أعلى مراتب الإيمان ، بحيث حصل له القطع واليقين والعلم المتين بوجود الخالق العظيم ، من خلال الآثار والحقائق والآيات الدالّة عليه ، سوف يرى الله تعالى ـ بقلبه ووجدانه وعقله المذعن الخالي عن المادّيات ، والصافي من الشكوك والأوهام ـ رؤية نورانية معنوية.
( .... ـ البحرين ـ .... )
س : ما هو برهانكم بعدم رؤية الله في الآخرة؟
ج : إنّ القول بجواز الرؤية على الله تعالى فيه التزامات مستحيلة عليه ـ تعالى عنها علوّاً كبيراً ـ منها : القول بالتجسيم في حقّه ، والجهة ، وأنّه ذو أبعاد ، والمحدودية ، والتناهي ، وأنّه ذو أجزاء وأبعاض.