( عبد العليم ـ أندونيسيا ـ ٣٨ سنة ـ طالب جامعة )
س : سؤالي هو : لماذا عندما أمر الله تعالى النبيّ بكتابة كتاب للقوم في رزية الخميس ، وعندها تجرّأ عمر ومنع النبيّ من كتابة ذلك الكتاب ، فهل كان امتناع النبيّ من الكتابة بأمر من الله؟ أم منه ، مع رضا الله بذلك؟ وإذا كان منه تعالى ، فهل كان بداءً؟ أو كان غير ذلك ، يعني هل كان عمر سبباً في منع الكتابة؟ والحال الآية القرآنيّة تشير إلى أنّ الله يعصمك من الناس؟؟
وشكراً لجهودكم الطيّبة.
ج : إنّ الأوامر والنواهي الواردة على النبيّ صلىاللهعليهوآله قد تكون مطلقة ـ أي لا تتقيّد بحالة دون حالة ـ وقد ترد بصورة التعليق ـ أي أنّها مقيّدة بقيود ـ ولكلّ من القسمين شواهد في سيرته وحياته صلىاللهعليهوآله.
وفي المقام ، كانت كتابة النبيّ صلىاللهعليهوآله مشروطة ومقيّدة بتمكين الكلّ ، وعدم إظهار الخلاف عنده صلىاللهعليهوآله ، وبما أنّه لم تحصل هذه الجهة انتفت الكتابة من الأساس.
ولو أمعنّا النظر في المسألة ، لوجدنا أنّ الكتابة في ذلك الظرف الحسّاس ـ وبدون رضوخ القوم لها ـ كانت تؤدّي إلى انشقاق وتشتّت الأُمّة ، مضافاً لفقدها قائدها ؛ فنظراً لهذه المصلحة الهامّة غضّ النبيّ صلىاللهعليهوآله طرفه ، ورفع يده عن الكتابة ، اعتماداً على إبلاغ ووصول الوصية المذكورة بمرّات وكرّات في طول عهد البعثة النبويّة ، وخشيةً منه صلىاللهعليهوآله على وحدة الأُمّة.
نعم ، لو كانت تكتب تلك الوصية ، كان أمر الإمامة والخلافة أكثر وضوحاً عند عامّة الناس ، ولكن في نفس الوقت ، بما أنّ عمر خالف النبيّ صلىاللهعليهوآله جهراً ، وأيّدته عصابته في ذلك ، رأى النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّ كتابة الوصية آنذاك أصبحت مرجوحة ، فأعرض عنها.