القرآن الكريم ، بحيث يقال لهم : أنّه قام بالتدبير بلا استعارة للاستواء على العرش ، ما كانوا يفهمونه بدقّة كاملة.
فالله تعالى يقول : ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) يعني : قام بتدبير الأُمور ، فيضيف إليه قوله تعالى : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ ) ، وهذا المعنى الصحيح من هذا التعبير متى ورد في القرآن الكريم ، ومتى ورد في السنّة الصحيحة؟
وأمّا قوله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ) ، فله تفسيران :
الأوّل : الأخذ بالمعنى الظاهريّ ، ويستدلّون عليه بالحديث الوارد عند غير الإمامية ، ويصرّون على أنّه حديث صحيح : بأنّ أُمم يوم القيامة تمتاز بعضها عن بعض ، فيبقى المسلمون ، فيأتيهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فيأخذ بهم إلى حيث بيت الله تعالى ، فيطرق باب الجنّة ، فيخرج إليهم سبحانه وتعالى ، فيقولون له : نحن نريد أن نعرف ربّنا؟ فيسألهم : هل ترون لربّكم علامة؟ يقولون : نعم ، إنّ العلامة أثر في ساق ربّنا ، فيكشف الله تعالى عن ساقه ، فيرون العلامة ، فيقعون سجّداً لله تعالى ، إلاّ المنافقين الذين تتقلّب ظهورهم ، فلا يمكنهم السجود.
وأمّا التفسير الثاني : وهو الذي يأخذ به علماء الإمامية ، ومن تبعهم ( يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ) ليس معناه ساق الله تعالى ، وإنّما كناية عن جدّة الأمر وحدّته ، فالذي يريد أن يقوم بعمل وهو جادّ ، يعبّرون عنه بأنّه كشف عن ساقه ، أو شمّر ثوبه ، أو كشف ذراعيه ، وليس معناه أنّ كلّ عامل جدّ لابدّ وأن يكشف عن ذراعيه ، أو يكشف عن ساقه ، وإنّما يقصد به المعنى اللازم لهذا العمل ، وهو الوقوع في موقع جدّيّ ، والقيام بالعمل الجدّ.
فالله تعالى يقول : أنّ الذين لم يؤمنوا بالله في حياتهم الدنيا عابثون لا يقدّرون الموقف ، وسيأتي عليهم يوم يكشف فيه عن ساق ، يعني ذلك اليوم يوم جدّ لا عبث فيه ، وهنالك هؤلاء يعجزون عن أداء ما عليهم من العبادة لربّهم سبحانه وتعالى ، الذين كانوا ينكرونه في حياتهم الدنيا ولا يعبدونه.