ومثله ما نقل عنه في أحمد بن محمد بن خالد البرقي من ابعاده عن قم ، ثم إعادته إليها واعتذاره اليه ومشيه بعد وفاته في جنازته حافياً حاسراً ليبرئ نفسه عما قذفه به ، فإنه يدل على أنه رماه فيما رماه وهو شاك ، وكان عليه أن يتثبت في أمره ، فتركه وقذفه ثم نفيه يقدح فيه.
وفي الكافي في باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليهالسلام حديث طويل (١) وفيه ما يدل على ذم أبي جعفر هذا من وجهين ، كما بيناه في بعض حواشينا عليه.
وبالجملة كلام أبي عمرو الكشي في ترجمة يونس يفيد أن أحمد هذا قبل رجوعه عن الوقيعة في يونس كان يضع روايات وحكايات تدل على ذمه بل كفره ، وهذا منه قدح عظيم في أحمد هذا ، يوجب عدم الاعتماد على رواياته رأساً ، فإذا انضم اليه ما ذكرناه مما يدل على سخافة عقله وعدم تثبته في الأمور يصير القدح فيه أجلى ، والتوقف في رواياته أحرى.
ثم أقول : تحليل ماله مدخل في طيب الولادة انما هو الجارية التي نشتريها ممن لا يرى وجوب الخمس ، أو نسبيها من بلاد الشرك ، فان فيها الخمس ، وهو حقهم عليهمالسلام فأحلوه لنا لتطيب ولادتنا ، وهو المراد بحقهم في أمثال هذه الاخبار كما تدل عليه صحيحة الفضيل السابقة : انا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا (٢) وأما ثمن الجارية ومهر الزوجة ، فداخلان في مئونة السنة ولا خمس فيها ، فلا مدخل له في طيب الولادة ، ولا يتصور هنا غير ما ذكرناه شيء يكون له مدخل في طيبها.
فأما ما قيل من أن إباحة المناكح والمتاجر والمساكن يقتضي إباحة غيرها ، لاشتراكهما في المعنى المطلوب شرعاً ، وهو تطيب الولادة ، بل في باقي الأموال
__________________
(١) أصول الكافي ١ / ٣٢٤ ، ح ٢.
(٢) تهذيب الاحكام ٤ / ١٤٣ ، ح ٢٣.