حمل رواية السنة على التقية؟ وهو قدسسره أعرف بما قال ، والله أعلم بحقيقة الحال.
وقد علم مما نقلناه عن الشيخ أنه كما قال في المبسوط (١) بأن أقل مدة بين العمرتين عشرة أيام ، كذلك قال بها في الاستبصار (٢) ، وعلم منه ومما سبق جواب ما قال به ابن أبي عقيل من عدم جواز العمرتين في عام واحد مستدلا بهذين الخبرين.
والسبب المقدم لنا على هذا التأويل أن روايات السنة بدونه تدل على عدم جواز العمرة مطلقاً في كل سنة الا مرة ، وروايات الشهر تدل على استحبابها في كل شهر ، وهما صحيحتا الأسانيد ، فإذا تعارضتا تساقطتا ، فيبقى دليل القول بجواز التوالي سالماً عن المعارض ، لضعف سند رواية عشرة أيام.
فإذا أردنا التوفيق بينهما ، فلا بد لنا من حمل الاولى على ما حملها عليه شيخ الطائفة ، من أن العمرة المرتبطة بالحج لا تكون في كل سنة إلا مرة ولا تكون مرتين إذ لا حج في كل سنة إلا مرة. وحملها على مرتبة من مراتب الاستحباب كما مضى وسيأتي أيضاً ، وان كان جامعاً بين الاخبار أيضاً الا أنه بعيد عند التأمل.
وأما الجواب عن قول من قال بأن أقل الفصل بين العمرتين هو الشهر مستدلا بالاخبار السالفة ، فهو أن هذه الاخبار غير صريحة في المنع من تكرار العمرة في الشهر الواحد ، إذ من الجائز أن يكون الوجه في تخصيص الشهر تأكد استحباب إيقاعها في كل شهر ، ولا يلزم من ذلك عدم مشروعية تكرارها في الشهر الواحد ، الا أن إثبات المشروعية يتوقف على ورود الأمر بذلك خصوصاً أو عموماً ولم أقف في ذلك على نص يعتد به ، والمسألة محل تردد ، وان كان اعتبار الشهر
__________________
(١) المبسوط ١ / ٣٠٩.
(٢) الاستبصار ٢ / ٣٢٦.