لم يفصل ، واليه أشار بقوله وغيره « فيعم مرة بعد أخرى » لأن ترك الاستفصال دليل عموم المقال ، واليه يشير قول صاحب المدارك فيما نقلناه عنه ، وذهب السيد المرتضى وابن إدريس والمحقق وجماعة إلى جواز الاتباع بين العمرتين مطلقاً ، لإطلاق الأمر بالاعتمار.
وبالجملة يستفاد منه ان كل شهر من شهور السنة صالح للاعتمار فيه ، فمن أراد الاعتمار وهو معنى قوله « المعتمر يعتمر فيه مرة أو مرتين أو أكثر » كما يفيده عموم الخبر ، فتخصيصه بمرة يحتاج الى مخصص يعتد به ، وليس كما عرفت وستعرف أيضاً.
ثم قال قدسسره متصلا بما سبق : وانها مشروعة فلا اختصاص لها بوقت دون آخر ، وكأن القائل به منحصر في من لم يعمل بالخبر الواحد ، كالسيد قدس الله سره ، وإلا خصص بالوقت للاخبار ، كما ستطلع.
أقول : قد عرفت ان هذه الاخبار غير صريحة في اختصاصها بالوقت ، فان من الجائز كما سبق أن يكون الوجه في تخصيص الشهر تأكد استحباب إيقاعها في كل شهر لا اختصاصها بشهر شهر.
وأما أخبار السنة وعشرة أيام ، فالأولى مأولة تخلصاً عن التناقض بين الاخبار والثانية ضعيفة السند فلا يعتد بها. وعلى هذا فلا وجه للقول بانحصار قائله في من لم يعمل بخبر الواحد ، بل هو صالح لان يكون دليلا لغيره أيضاً ، ممن عمل به وقال بجواز الاتباع بين العمرتين ، فتأمل.
والحاصل ان العمرة من العبادات المشروعة المرغبة الغير الموقتة بوقت دون آخر ، لعدم دليل على توقيتها يعتد به ، والأصل أيضاً عدمه فيجوز الإتيان بها في كل وقت الا ما يمنع منه فيه مانع كان يفوت به واجب ، فحينئذ لا يجوز الإتيان بها لا من حيث أن ذلك الوقت غير صالح له بل من حيث أنه صار ظرفاً لذلك