من أبيه وامه محرمة عليه أبداً من غير خلاف.
وقوله عليهالسلام « لا بأس » أي : عليك في تزويجها ، صريح في خلافه. ويدل على أن هذا المرتضع يجوز له النكاح في أولاد اخوة المرتضع الاخر ، فهذا الحديث مادة نقض لما ادعاه المستدل من أن كل تحريم يترتب على علاقة القرابة يترتب على علاقة الرضاعة أيضاً من غير فرق ، فان ابنة أخ الاخ من القرابة حرام ، بخلاف ابنة أخ الاخ من الرضاعة ، كما هو صريح الخبر. ومنه يظهر ما يظهر للفطن اللبيب بعد تأمله الصادق وأخذه فطانته بيده ، فتأمل فيه.
وانما قيد الاخ بالاب والام ليحترز به عن أخيه من امه فقط ، اذ لو كان له أخ منها لجاز لاخيه من أبيه ، أي : لاخيه من النسب أن يتزوج ابنة أخيه من امه فبأن يجوز ذلك لاخيه من الرضاع أولى ، فلما كان جوازه معلوماً له بطريق أولى أعرض عنه وخص ذلك بالسؤال.
والوجه فيه أن أخوة الاخ من حيث هم اخوة أخ لا يحرمون على الاخ ، وانما يحرمون عليه من حيث هم اخوة له ، لان الانسان اذا كان له أخ من أبيه واخت من امه ، جاز لاخيه المذكور نكاح اخته ، اذ لا نسب بينهما محرم ، وظاهر أن هذا المرتضع وهو السائل كما لا نسب بينه وبين اخوة المرتضع الاخر وهو الصبي ، كذلك لا رضاع بينهم ، وحينئذ لا وجه للتحريم أصلا.
فهذا قرينة واضحة دلت على أن مقصودهم عليهمالسلام من هذا الخبر المستفيض ليس ما فهمه منه وحمله عليه من أن حكم الاخوين رضاعاً حكم الاخوين أباً واماً في ترتب التحريم ، والا لم يصرحوا بما ينافيه ويناقضه ، لان التناقض في كلامهم لعصمتهم عليهمالسلام غير مسوغ.
ويستفاد منه ان أخ الاخ من الرضاع لا يلزم أن يكون أخاً له منه ، كما أن أخ الاخ من النسب كذلك ، أي : لا يلزم أن يكون أخاً له منه ، وكذا اخت الاخ