هذا كله قبل ورود الشرع. وأما بعد وروده فكلما فيه نفع ولم يقم على تحريمه دليل ، فلا ريب في اباحته لقولهم عليهمالسلام : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي (١) وقوله تعالى ( خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ). (٢).
قال في الكشاف : وقد استدل به على أن الاشياء التي يصح أن ينتفع بها ولم تجر مجرى المخطورات في العقل خلقت في الاصل مباحة مطلقاً لكل أحد أن يتناولها وينتفع بها (٣).
وقال البيضاوي ما حاصله : ان الآية تقتضي اباحة الاشياء النافعة قبل ورود الشرع ، فما أخرجه فهو خارج ، وما سواه على الاباحة الاصلية (٤).
واليه أشار في جوامع الجامع بقوله : وفي هذا دلالة على أن الاصل في الاشياء الاباحة الى أن يمنع الشرع بالنهي عنه وجائز لكل أحد أن يتناولها ويستنفع بها (٥).
ومما يدل على أصل الاباحة من طريق الخبر زائداً على ما مر ما رواه الشيخ في باب الزيادات من التهذيب عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كل شيء يكون منه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (٦).
وهذا حديث صحيح صريح في تغليب الحلال على الحرام ، بناءاً على أن الاصل في الاشياء الحل ، كما صرح به الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي في
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣١٧.
(٢) سورة البقرة : ٢٩.
(٣) الكشاف ١ / ٢٧٠.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.
(٥) جوامع الجامع ص ١١.
(٦) تهذيب الاحكام ٩ / ٧٩ ، ح ٧٢ ، و ٧ / ٢٢٦.