فيصير الولد ابناً والوالدان أباً وأماً ، وهكذا في سائر الاقارب وينتشر التحريم ، فكذلك اذا ارتضع ولد من اللبن تحصل مثل تلك العلاقة ، ويترتب عليها ما يترتب عليها ، كما قال الشهيد الثاني : ان الضابط تنزيل الولد من الرضاعة منزلة الولد من النسب ، وأمه بمنزلة الام ، وأبيه بمنزلة الاب الى آخر المحرمات.
قلت : ان أردت بهذا محض بيان عدم لزوم ملاحظة الرضيعين ، بأن تدعي أن فرض المرتضع وحده كاف في اثبات نشر الحرمة على الاطلاق الشامل للطرفين ، بأن يقال بعد تحقق علاقة الرضاع وصيرورة المرضعة اما للمرتضع والفحل أباً وهو ابناً يتحقق النسبي أيضاً ، فيحرم على المرتضع كل من هو حرام على ولديهما المولودي النسبي ويحرم عليهما كل من هو حرام على والديه النسبي ، وكذا باقي الاقارب على ما هو مفاد العموم.
فلا يخفى اذاً أن مرجعه الى ما ذكرناه ، وليس بينهما بون بعيد ، الا أن المطلب يكون بهذا التقرير أخفى اثباتاً وتصديقاً ، وأقرب الى تطرق الشبهة والجدال ، بخلاف تقريرنا فان فيه فوائد متعددة لا تخفى وسنشير الى كثير.
وان أردت به بيان ما هو المشهور بين متأخرينا وكل الجمهور من اختصاص التحريم بالمرتضع ونسله وعدم النشر الى سائر أقاربه ، أي : يحرم عليه وعلى نسله فقط المرضعة وفحلها وأقاربهما الذين كانوا حرموا عليه وعلى نسله لو فرض ولادته منهما ، استناداً الى ما اعتمدوا عليه وجعلوه أصلا رتبوا عليه الاحكام ، كما سنبين من أن الرضاع الذي هو علة التحريم حاصل من تربية المرتضع وحده بلبنهما المخلوق من مائهما ، فلا مدخل للغير هاهنا ، فالمانع حينئذ أشياء :
الاول : أن فيه تخصيصاً للعموم الذي هو مفاد الخبر بدون مخصص يوثق به شرعاً مع وجود مقويات للعموم ، اذ التعليلات العقلية الظنية لا مدخل لها في الشرع على ما هو الحق ، والروايات ترشد الى العموم ، كما سيظهر على أن تلك التعليلات