أن فيه ضعف من وجه آخر (١) ، وقد اتفقوا على ان الحديث الضعيف لا يثبت به الأحكام الشرعية ، والاستحباب حكم شرعي فلا يثبت به ، وذلك لان الحرمة في الفعل الذي تضمن الحديث الضعيف استحبابه حاصل ، فهو مردد بين كونه سنة ورد بها الحديث في الجملة ، وبين كونه تشريعاً وحراماً لما ليس من الدين فيه ، ولا ريب أن ترك السنة أولى من الوقوع في البدعة ، فان تاركها متيقن للسلامة وفاعلها متعرض للندامة.
وأما قولهم باستحباب بعض الأعمال التي وردت بها أخبار ضعيفة وحكمهم بترتب الثواب عليها ، فليس مستنداً في الحقيقة إلى تلك الاخبار ، بل الى قوله عليهالسلام « من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له أجره وان لم يكن على ما بلغه » (٢) وهو كما قيل : حديث حسن الطريق متلقى بالقبول متأيد بأخبار أخر.
ومن الأصحاب من لم يعمل بالحسان أيضاً وان اشتهرت واعتضدت بغيرها بل اقتصر على العمل بالصحاح فقط ، بل ومنهم من لم يعمل بالاخبار الآحاد مطلقاً ، فكيف يستدل بتلك الأخبار الضعيفة الغير الناطقة باستحباب المعهود عليه ، فتأمل.
ومع قطع النظر عن ذلك يمكن أن يكون المراد فلا ترفع اليدين بالتكبير للقنوت ، وذلك بحسب مفهومه المخالف لا يستلزم استحباب رفع اليدين حال القنوت في غير وقت القنوت ، بل غاية استحباب رفعهما في وقت التكبير للقنوت إذا لم يكن هناك تقية ، وقد عرفت فيما سبق منا أن ذلك غير مستلزم للمطلوب ، فتأمل.
على أنا نقول : في كون مفهوم المخالفة دليلا خلاف بين الأصوليين ، ولذلك
__________________
(١) وهو أن هذه الرواية مع كونها ضعيفة السند مكاتبة لا تعطى الوثوق « منه ».
(٢) وسائل الشيعة ١ / ٥٩.