الهلال في بلد ولا يظهر في آخر ، لان حدبة الارض مانعة لرؤيته ، وقد رصد ذلك أهل المعرفة ، وشوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب الغربية لمن جد في السير نحو المشرق وبالعكس.
وقال ولده فخر المحققين قدسسرهما في الايضاح : الاقرب أن الارض كروية ، لان الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية ، وكذا في الغروب ، فكل بلد غربي بعد عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي بساعة واحدة.
وانما عرفنا ذلك بارصاد الكسوفات القمرية ، حيث ابتدأت في ساعات أقل من ساعات بلدنا في المساكن الغربية وأكثر من ساعات بلدنا في المساكن الشرقية ، فعرفنا أن غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل غروبها في بلدنا وغروبها في المساكن الغربية بعد غروبها في بلدنا.
ولو كانت الارض مسطحة لكان الطلوع والغروب في جميع المواضع في وقت واحد ، ولان السائر على خط نصف النهار على الجانب الشمالي يزداد عليه ارتفاع القطب الشمالي وانخفاض الجنوبي وبالعكس (١).
أقول : فيختلف بذلك ، أي : باختلاف البلدان في طلوع الكواكب وغروبها اختلافها في انتصاف الليل ، فرب بلد انتصف فيه الليل وهو في بلد آخر لا ينتصف الا بعد مضي ساعة أو ساعتين وهكذا.
فصيحة هذا الديك الاعظم تكون في أي نصف من تلك الانصاف؟ وبالنسبة الى أهل أي بلد من تلك البلدان؟ حتى تتبعه هذه الديوك في الصحيحة ويعلم منها انتصاف الليل.
ومع قطع النظر عن ذلك ، فتلك الصحيحة من تلك الديكة لا تدل على انتصاف
__________________
(١) الايضاح ١ / ٢٥٢.