وأيضاً فان الشك في حصول الحدث مع اليقين بالطهارة لا يوجب الطهارة ، فإذا انضم هذا الى ما دل على عدم الإعادة من الأخبار وفيها ما هو صحيح وبعضها قوي ، صار المعارض قوياً في كمال القوة.
وبالجملة ان الحكم بوجوب الإعادة في صورة الاشتباه بعد ورود هذه الأخبار الدالة على العدم وتأيدها بأخبار يقين الطهارة والشك في الحدث ، وبقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : اليقين لا ينقض أبداً بالشك ولكن ينقضه يقين آخر (١). وبأصالة عدم كونه منياً ، وبراءة الذمة وجوب هذا التكليف ، وهو اعادة الغسل ، ولا خبر صحيح ولا دليل آخر يدل على وجوبه ، مشكل.
فان قلت : ان الاحتياط اعادة الغسل والوضوء في صورة الاشتباه ، قلت : ان الاحتياط ليس بدليل شرعي ، وانما كلامنا فيه وفي من لم يعد الغسل أو الوضوء في هذه الصورة ، وصلى بهما صلوات كثيرة ، أو حج بذلك الغسل حجة أو عمرة وصلى بهما صلاة الطواف الى غير ذلك ، ثم راجع الفقيه في ذلك أو راجعه في أول الأمر ، هل يجوز له الزامه باعادة الغسل والوضوء ، أو اعادة تلك الصلوات الكثيرة ، أو قضاءها ، أو قضاء الحجة أو العمرة ، ولا دليل له عليه شرعاً.
وإذا لم يمكنه اعادة الغسل لمانع شرعي ، هل يحكم بكونه جنباً وما يتبعه من الأحكام الكثيرة؟ وهل يلزمه التيمم بدلا عن الغسل ، أو يجوز له الوضوء أو التيمم بدلا منه؟ الى غير ذلك من الأحكام المترتبة على هذا الخلاف.
وبمثل ما ذكرنا يمكن نفي وجوب الوضوء إذا خرج منه البلل بعد البول بدون الاستبراء ، لأنه بعد الوضوء وقبل خروجه كان على يقين منه ، فإذا خرج مشتبهاً عليه ، فغايته حصول الشك في نقضه ، وقد عرفت أن اليقين لا ينقض أبداً بالشك.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ٨ ، ح ١١.