ومنها : ما في الفقيه : سئل عن الرجل ينام ثم يستيقظ فيمس ذكره فيرى بللا ولم ير في منامه شيئاً أيغتسل؟ قال : لا انما الغسل من الماء الأكبر (١).
فانه أيضاً يدل على عدم وجوب الغسل بالبلل ، لتوقفه على العلم بكون ذلك من الماء الأكبر ، والمفروض أنه غير معلوم.
فان قلت : ما ذكرته أولا اجتهاد في مقابلة النص.
قلت : ليس كذلك ، بل هو مضمون رواية صحيحة صريحة في ذلك ، فيدل على أن الأخبار المطلقة الدالة على الإعادة محمولة : اما على الاستحباب ، كما مر في صورة الاشتباه ، أو على الوجوب لا مطلقاً ، بل إذا حصل له العلم أو الظن بكون الخارج مني ، وبه يوفق بين الأخبار.
فأما إذا حملنا قوله عليهالسلام « فليعد الغسل » ونحوه على الاستحباب يكون المراد بقوله « لا » أي : لا يعيد الغسل قد تعصرت ونزل من الحبائل ، نفي الوجوب ، فيكونان متوافقين غير مختلفين.
ويستفاد من ذلك استحباب الوضوء أيضاً ، لان موجبه البول دون ما يخرج من الحبائل ، فوجه استحباب الوضوء احتمال كونه بالبول ، وفي الغسل احتمال كونه مخلوطاً بالمني.
فقول من قال حمل الأخبار الدالة على الإعادة على الاستحباب غير لازم ، لعدم صلاحية المعارض للمعارضة ضعيف ، لانا لو قطعنا النظر عن صحيحة جميل وقلنا بكون علي بن السندي الواقع في طريقها غير موثق ، لكفانا في مقام المعارضة هذا الحديث الصحيح الذي أشرنا اليه ، مع براءة الذمة عن وجوب الإعادة الى أن يقوم على خلافه نص صحيح صريح أو دليل آخر ولم يقم.
أما الثاني ، فظاهر. وأما الأول ، فلما عرفت من عدم صحة الأخبار الدالة عليه ،
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٨٦ ، برقم : ١٨٩.