راضياً بحلفه له باسمه ، فان من أدب العبيد أن يعظموا أسماء مواليهم ، حتى لو حلف لهم بها رضوا بذلك هذا ، فهو يؤول الى الأول وان لم يذكر فيه لفظ في شيء فتأمل.
ثم أقول : وإذا جاز حمل النهي للأخبار الواردة في النهي عن المقاصة من الامانة على الكراهة ، فليجز ذلك في الأخبار الواردة في النهي عن المقاصة بعد الاحلاف ، والا فما المائز بينهما مع عموم دليل المقاصة ، وخصوص خبر دل بظاهره على جواز الاخذ من مال الحالف بعد حلفه ، بشرط أن يقول الكلمات السالفة.
فلم حملوه على التحريم؟ مع وجود الأصل والاستصحاب المقتضيين لبقاء اباحة المقاصة بعد التحليف على ما كان عليه قبله ، وأي فرق بين قوله في صحيحة معاوية : أد الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك ، وقوله في صحيحة سليمان ابن خالد : ان خانك فلا تخنه ولا تدخل فيما عبته عليه. حيث حملوا هذا على التحريم والأول على الكراهة من غير مائز.
ثم لا يذهب عليك أن دليله على كراهة المقاصة في صورة الوديعة ، وهو قوله « لان هذا يجري مجرى الخيانة ولا يجوز له الخيانة على حال » تفيد حرمتها ، كما هو الظاهر أيضاً من قوله عليهالسلام : أد الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك ، وقوله : ان خانك فلا تخنه ، وقوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ ) (١) مع أن هذا خيانة نفسها لا أنه يجري مجراها تأمل.
بل نقول : الادلة الدالة على تحريم المقاصة من الامانة مطلقا أكثر وأقوى بل هو اجماعي ، فكيف يدعى كراهتها وتحريم المقاصة بعد التحليف ، لا دليل عليه
__________________
(١) سورة الانفال : ٢٧.