المشاهد ، فلا يصدر من اللطيف الرءوف العليم ما يؤدي الى اختلال نظم المعاش والمعاد. ألا يرى أنه جل سلطانه سامح أرباب الأموال وأمر بالعفو والتخفيف وتفويض الامر اليهم ، وعلى المصدق أن يصدقهم في مواضع شتى ، فكيف يشدد عليهم بايجاب ما يذهب بها.
لا يقال : قد حكى الطبرسي رحمهالله عن أبي مسلم تفسير الاحفاء باللطف ، قال : أي فيلطف في السؤال بأن يعد عليه الثواب الجزيل. وعن بعضهم أن المعنى لا يسألكم الرسول على أداء الرسالة أموالكم. وفسره آخر بأنه لا يسألكم أموالكم لان الأموال كلها له ، فهو أملك بها وهو المنعم باعطائها.
لانا نقول : يستفاد منها نفي طلب جميع الأموال على كل حال ، قضية للجمع المضاف ، كما في قوله عزوجل ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) فالمعنى أنه لا يسأل جميع أمواله التي عندكم ، ومن ثم سماها أموالهم وان سألها مع اللطف ووعد الثواب الجزيل ، كما قال عز من قائل ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) (٢) بخلتم بها وأظهرتم الحقد فكيف بدونه.
وبالجملة فجميعها غير مسئول ، سواء كان على أداء الرسالة أو مطلقا ، وانما المسئول والمأخوذ والمأمور باتيانه واعطائه البعض ، كما أفاده « من » التبعيضية أيضاً ، على أن تلك التفاسير كلها خلاف الظاهر ، كالقول بأن المعنى أن الله جل سلطانه لا يسألكم أموالكم ، وانما يوجب عليكم ايتاء بعضكم بعضاً ، مع أنه لا يلائم ذلك ما بعده ، ولهذا لم يرتضها المحققون ، كالطبرسي وعلم الهدى والمحقق وصاحب الصافي والزمخشري والبيضاوي والجبائي وغيرهم.
ومنها : ما رواه الصدوق في المقنع بحذف الاسناد ، فقال : ليس على الحنطة
__________________
(١) سورة التوبة : ١٠٣.
(٢) سورة النور : ٣٣.