فلا تتعقب الضرر كما صرح به.
فاندفع ما أجاب به عنه صاحب المدارك وحكاه في الذخيرة ، من أن مثل هذه الإضرار غير ملتفت اليه في نظر الشرع ، والا سقطت التكاليف كلها ، فانه ان أراد بهذا الإضرار خصوص الإضرار المالي المحض ، فالالتفات الى مثله لا يوجب سقوط التكاليف البدنية ، كالطهارة والصلاة والصيام ، لا ما يشوبه المال كالحج والجهاد مما ينفق فيه على أربابه ، ويجعل ذريعة لتحصيله ولا يتكرر كل عام.
وأما الخمس ، فمثل هذا الإضرار فيه منتف أيضاً ، لانه بعد المئونة. واذا أريد نفي الإضرار في خصوص الزكاة فأظهر ، وان أراد به الاعم من المالي فلا نقض ، اذ الاستدلال خاص ، على أنه لا ينتقض بالتكاليف وان احتج بالعام حيث أطلق ، بمعنى أن مطلق الإضرار منفي بما ثبت في الشريعة السمحة السهلة من انتفاء العسر والحرج والضيق والضرر ، لانه يعتبر في الضرر المنفي كونه بحيث لا يتحمله الجمهور عادة ، وظاهر أنه لا يجزئ في سائر التكاليف ، بخلاف الاجحاف في الأموال المؤدي الى البغضاء ، وكراهة الدين المنجر الى الانكار.
قال في الكشاف في تفسير قوله تعالى ( وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ ) أي : تضطغنون على رسول الله صلىاللهعليهوآله وتضيق صدوركم لذلك ، وأظهرتم كراهتكم ومقتكم لدين يذهب بأموالكم (١).
وقال قتادة : علم الله أن في مسألة الأموال خروج الاضغان وهي الاحقاد التي في القلوب والعداوة الباطنة ، كذا في المجمع (٢).
وفيه تنبيه على أن مقتضى اللطف وهو ما يقرب الى الطاعة ويبعد عن المعصية الاعراض عن هذا التكليف المقتضي للعصيان ، والا اختل أمر الفلاحة كما هو
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٥٣٩.
(٢) مجمع البيان ٥ / ١٠٨.