ويؤيده ما عهد في الشرع من التخفيف عنه باصوله عن التمرد والخلاف ، من حيث كونها مؤاساة يشق تحملها شرعت معونة للفقراء من أجل قوتهم ، ليحصن بها أموال الأغنياء ، ولهذا اقتصر فيما يعالج بالرشا والنفح والدلاء على نصف العشر ، مع أنه يحتسب ما يلزم ذلك من المؤن وسطاً على القبول بالاستثناء على ما صرح به في البيان وغيره ، باعتبار ما يعاينه من الاشتغال بالسقي واستعمال الأجزاء زائداً على بذل المئونة ، بخلاف ما سقت السماء وما يجري مجراه من الأودية والسيول.
ولان غلة ما يسقى بالنواضح والدوالي أكثر ما يكون أقل مما يستقى بالماء الجاري ونحوه ، كما هو المعهود المعتاد ، مع أن ما يغرمه المالك معجلا لا يجبر بما يصل اليه بعد.
وأيضاً فان منفعة المالك هي ما يبقى بعد اخراج المئونة ، وظاهر أنه اذا كثرت المئونة يكون ما سقى له بعد المئونة أقل مما يبقى له فيما قلت المئونة ، فناسب ذلك التخفيف له.
وبذلك ينحل ما استشكل في المقام ، من أن الزكاة اذا كانت لا تجب الا بعد المئونة ، فأي فارق بين ما كثرت مئونته وقلت ، على أنه قال المحقق : ان الأحكام متلقاة من الشرع المطهر ، وكثير من علل الشرع غير معلوم لنا ، فلا حاجة الى ما احتمله الشهيد من سقوط مئونة السقي لاجل نصف العشر واعتبار ما عداها ، مع أنه ذكر أنا لا نعلم به قائلا.
ولا ينحسم به الاشكال أيضاً ، لان نصف العشر ربما زاد عليها ، فلا بد من الرجوع الى ما ذكرناه ، ويقع بازاء ما يزاوله من الكلفة الزائدة على بذل الأجرة وما ينقص من ماله ، وليس في هذه التفرقة شهادة قوية على عدم الاستثناء كما افتهمه صاحب المدارك ، ولا تصريح لهم بأن اسقاط نصف العشر لاجل المئونة