ثم قال : من أوجب فيها الزكاة اختلفوا ، وفصل أقوال الشافعي وأبي حنيفة ومالك (١).
وفيه تنبيه على أن الفقهاء أولئك المذكورون. وبما فصلناه يصح حال الإجماع الذي به يصولون وعليه يعولون.
ومنه يظهر ما في قول صاحب الجامع : ان المئونة على رب المال دون المساكين اجماعاً إلا عطاء. لان الظاهر أنه أخذ ذلك من الخلاف ، واستثناء عطاء شاهد عليه ، فلعله أراد به اتفاق العامة وهو أعرف ، وكيف كان فلا تعويل على هذا الإجماع ، كما لا عبرة بقول ناقله به لانه يبتنى عليه. واذا علم ضعف المبني عليه يعلم فساد المبنى قطعاً.
والعجب من الجماعة المتفقهة المتأخرين حيث اعترفوا بدعوى اجماع الكل غير عطاء مع ما عرفت أنه خلاف ما أطبق عليه المحصلون من الفقهاء.
وحيث ظهر أن فقهاء العامة عن آخرهم على أن فيما سقت السماء العشر وفي غيره نصف العشر ، من غير تقييد باستثناء المؤن ، علمت أن ما احتج به الشيخ وغيره من الأخبار المتكثرة المطلقة أو العامة محمول على المماشاة معهم ، والإجماع فيها لمصالح لا يخفى على ذوي الأفهام.
ثم انه لو اعتبر العشر مثلا بعد المؤن ، لم يبق من العشر مطلقا ، وانما يبقى أقل من العشر الكل ، ولا نص على وجوب عشر ما سقت السماء ، وانما المنصوص أن نية العشر في الجملة ، واخراج مطلق العشر متحقق مطلقا ، ووجوب عشر الجميع أول المسألة وعين المتنازع فيه.
فاندفع ما علله به في الخلاف ، وكذا ما حكاه في المعتبر عن الفقهاء الأربعة من أنه لو لزم الفقراء منها نصيب لقصر نصيبهم عن الفرض ، لان ادعاء أن الفرض.
__________________
(١) الخلاف ٢ / ٢٣ ـ ٢٤