صلوات الله على شارعها والمستحفظين لها بايضاح المبهمات ، وافصاح المجملات وتبيين المتشابهات ، وتعيين المنسوخات والناسخات ، وتعليم التأويل ، وتعريف التنزيل ، والاخبار عن مراد الله عزوجل ، الى غير ذلك من الاحكام والحدود والضوابط الشرعية والروابط الدينية والقوانين الملية.
فهم عليهمالسلام في الحقيقة حافظون لحجج الله وبيناته ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ، وهذا معنى قوله صلىاللهعليهوآله « وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » (١) لان معنى عدم افتراقهما هو أن علم الكتاب عندهم عليهمالسلام ، فهم قائمون مقامه ، والمبينون كلامه ، فهذا وجه ما اصطلح عليه الاقوام.
وأما وجه ما ذهب اليه ذلك العلام ، فغير معلوم ولا مفهوم ، غير أن لا مشاحة في الاصطلاح ، مع أن اللازم من مذهب الاخباريين وهو قدسسره منهم انحصار الادلة في اثنين : الكتاب والسنة ، فبعد انضمام الإجماع ودليل العقل اليهما تصير أربعة ، مطابقة لما عليه القوم ، وهو ظاهر.
فهذا ما نعرف من ظاهر الحال ، وهو روح الله روحه أعرف بما قال ، ولكن الظاهر أنه أراد بالوجوه العقلية ما يسميه القوم بدليل العقل والعامة بالاستدلال ، المراد به ما ليس بنص ولا اجماع ولا قياس.
وقد يطلق في العرف على اقامة الدليل مطلقا ، من نص أو اجماع أو غيرهما ، ولكنه اصطلح من عنده وعد كلامهم عليهمالسلام دليلا آخر من الادلة ، فزاد على كلا الاصطلاحين قسماً آخر.
فالحصر في طريقة العامة غير حاصر. وأما على قواعد القوم ، فيلزم منه أن يكون قسم الشيء قسيمه ، لانهم ذكروا في وجه الحصر أن الدليل على الحكم الشرعي : اما وحي أولا ، الاول : اما نوع لفظه معجز أولا ، الاول الكتاب ، والثاني
__________________
(١) حديث الثقلين وهو حديث متواتر بين الفريقين ، رواه الجمهور في كتبهم.