اذا عرفت ذلك فنقول : هذا القياس ان كان منصوص العلة ، وجب العمل به ولا يكون قياساً في الحقيقة ، بل اثبات الحكم في الفرع بالنص ، كما في قوله عليهالسلام لما سئل عن بيع الرطب بالتمر أينقص اذا جف؟ قالوا : نعم ، قال : فلا اذن ، دل على أن المقتضى للمنع هو اليبوسة الموجبة للنقص ، فيعم الحكم الرطب بالتمر والعنب والتين الرطب باليابس ، وغير ذلك من النظائر.
فالاحكام التي ليست منصوصة عندنا بالخصوصية ، قد يثبت فيها الحكم : اما بطريق مفهوم الموافقة ، وهو أبلغ في الدلالة من المنطوق ، كما في قوله تعالى ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) (١) فانه يدل على الضرب بطريق أولى ، وقيل : هذا يكون مقطوعاً به.
أو بطريق مفهوم المخالفة ، كما في قوله عليهالسلام « في سائمة الغنم الزكاة » دل بمفهوم الخطاب على انتفاء الزكاة عن المعلوفة ، وفي كونه دليلا خلاف ، أو بطريق القياس المنصوص العلة ، كما قلنا في الرطب.
وليس شيئاً من هذه الانواع بقياس ، فلا يتوهم أنا نعدي الحكم من صورة الى أخرى الا على أحد من هذه الانواع ، فلا ينسب الينا العمل بالقياس (٢) انتهى كلامه طاب منامه.
فظهر أن هذا الكلام من ذلك العلام قدسسره لا ينطبق على مذهب من مذهبي العامة والخاصة ، ولا يطابق ما عليه القوم ، فهو اصطلاح جديد ليس له وجه سديد.
فان منصب الامام عليهالسلام ووظيفته على ما صرح به الاقوام أن يحفظ الشريعة القويمة ، وترويج الكتاب والسنة ، على ما كانا عليه في عهد صاحب الشريعة
__________________
(١) سورة الإسراء : ٢٣.
(٢) أجوبة المسائل المهنائية ص ١٥٤ ـ ١٥٥.