جعلها دليلا صريحا على أن مذهبه الوجوب (١) العيني. وأما توهم كونه عاملا بأولها وتاركاً لاخرها فمردود ، أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض.
واعلم أنه رام في الباب المذكور أن يدل على أن السلف كانوا قائلين بالوجوب العيني ، فذكر فيه ما حاصله أنهم ردوا في كتبهم روايات في هذا المعنى ولم يقدحوا فيها ، مع أن بعضهم ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه ويفتي به ويحكم بصحته ويعتقد فيه أنه حجة بينه وبين ربه.
وأنت خبير بأنهم كما رووا روايات في هذا المعنى من غير قدح فيها ، كذلك رووا روايات أخر في معنى آخر من غير طعن عليها. مثل ما رواه الصدوق في الفقيه عن محمد بن مسلم وقد سبق ، ومثل ما رواه في الامالي عن الصادق عليهالسلام وسيأتي ، فمجرد ذلك لا يمكن دعوى الظهور في أحد الطرفين ، الا أن يظهر منهم التصريح به.
وأيضاً فانهم كثيرا ما يوردون في كتبهم الروايات المختلفة والاخبار المتعارضة والاحاديث المتضادة مع ضعف طريق بعضها ، فكيف يحكمون بصحتها؟ وكيف يكون كل واحد منها حجة؟ وكيف يفتون به؟ فعلى ما ذكره المستدل يلزم أن يكونوا معتقدين بالمتناقضين عاملين بالمتضادين ، فمعنى قولهم « انها حجة
__________________
(١) ظاهره الوجوب ويحتمل الاستحباب ، ومثله رواية الحلبى ، قال سئل الصادق عليهالسلام عن الرجل يصلى الجمعة أربع ركعات الجهر فيها بالقراءة ، قال : نعم والقنوت فى الثانية.
والحديث صحيح يدل على اطلاق الجمعة على الظهر ، كما تدل عليه أخبار كثيرة ، وعلى استحباب الجهر في سائر الاربع الا أن يجعل الجهر بالقراءة قرينة على ارادة الركعتين الاولتين لتعينهما للقراءة ، والصدوق رحمهالله على أن الجهر بالقراءة رخصة يجوز الاخذ بها اذا صلاها الانسان وحده ، وانما الجهر فيها اذا صلاها جماعة في ركعتين « منه ».