من الفرض ، على عكس ما قاله المستدل.
وفي النهاية الاثيرية : في حديث الزكاة « هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلىاللهعليهوآله على المسلمين » أي : أوجبها عليهم بأمر الله تعالى ، وأصل الفرض القطع وقد فرضه يفرضه فرضاً وافترضه افتراضاً ، وهو والواجب سيان عند الشافعي. والفرض آكد من الواجب عند أبي حنيفة. وقيل : الفرض هاهنا بمعنى التقدير ، أي : قدر صدقة كل شيء وبينه عن أمر الله تعالى (١) انتهى.
وبالجملة الواجب يرادف اللازم والمحتوم والفرض خلافاً للحنفية ، فانهم خصوا الفرض بما يثبت بدليل قطعي ، والواجب بما يثبت بدليل ظني ، قالوا : لان الفرض التقدير ، قال الله تعالى ( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) قدرتم ، والوجوب السقوط فخصصنا الفرض بما عرف وجوبه بدليل قطعي ، لانه الذي علم منه تعالى أنه قدره علينا.
وأما الذي عرف وجوبه بدليل ظني ، فانه الواجب الساقط علينا ولا نسميه فرضاً لعدم علمنا بأنه تعالى قدره علينا.
وهذا كلام لا يخفى ضعفه ، لان الفرض التقدير ، سواء كان طريق معرفته علماً أو ظناً ، كما أن الساقط الواجب من غير اعتبار طريق ثبوته ، لكن لا مشاحة في الاصطلاح ، وآثر المستدل مذهب الحنفية.
ويرد عليه مع كونه مخالفاً لما ذهب اليه الجمهور أن اطلاق الفرض على الجمعة لعله من باب التغليب ، لان أدلة وجوب سائر الصلوات لما كانت قطعية وقد ذكرت هي معها أطلق عليها الفرض.
أو يقال : هي أيضاً فريضة ، لكن اذا تحققت شرائطها ، مع أن الفرض وكذا الواجب كثيراً ما يطلق في الاخبار على ما ينبغي أن يهتم الانسان ويلازمه ،
__________________
(١) نهاية ابن الاثير ٣ / ٤٣٢.