الكتاب والسنة وخالف العامة أخذ به قال : جعلت فداك وجدت أحد الخبرين موافقاً للعامة والأخر مخالفاً لها بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : يؤخذ بما يخالف العامة فإن فيه الرشاد. قلت : جعلت فداك فان وافقهما الخبران جميعاً؟ قال : ينظر الى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر (١).
ولا شك أن ميل هؤلاء العامة إلى جواز النظر الى وجه الأجنبية أشد منه الى عدمه. فهذا وجه يمكن أن يجمع بين الاخبار الواردة في هذا الباب.
على أنا نقول : على تقدير التنزل وتسليم صحة بعض الاخبار الدالة على جواز النظر وعدم كونه وارداً مورد التقية ، نقول : فالأمر دائر بين الإباحة والحرمة ، لتعارض الاخبار بعضها بعضاً ، فيرجح جانب الحرمة احتياطاً وخروجاً عن عهدة التكليف يقيناً ، وذلك ظاهر ومبين في محله.
وقد ورد عنهم عليهمالسلام : دع ما يريبك الى ما لا يريبك (٢). وليس بناكب عن الصراط من سلك طريق الاحتياط. وأمثال ذلك لا يحصى ، وقد أجمع العلماء كلهم على أنه طريق منج ، ووافق العقل على ذلك أيضاً.
وأيضاً يحتمل أن يكون المراد بجواز النظر في هذه الاخبار النظر الأول لا التكرار ، كما قال به بعض الأخيار ، ويدل عليه أيضاً بعض الاخبار ، وقد مر الإشارة إليهما جميعاً.
وقيل : لا يحرم النظر الى الوجه وغيره الا مع اللذة أو الفتنة أو الريبة ، ويدل عليه ما في الكافي في مرسلة عبد الله بن الفضل عن أبيه عن رجل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قلت له : أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر الى شعرها ومحاسنها؟
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٦ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣.
(٢) عوالي اللئالي ١ / ٣٩٤ و ٣ / ٣٣٠.