الانتساب حقيقة إنما يصدق إذا كان من جهة الأب عرفاً ، فلا يقال تميمي إلا لمن انتسب الى تميم بالأب ، ثم أيدوه بقول الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
مع أن بني أبنائهم ليسوا ببنيهم حقيقة على زعمهم ، وما الكلام الا فيها.
وذلك أن المفيد وابن البراج وأبا الصلاح لما قالوا بشمول اسم الولد لولد الصلب وولد الولد ، بدليل قوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١) فإن أولاد الأولاد داخلون قطعاً ، وكذا قوله تعالى ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ) وكذا قوله ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ ) (٢) الى غير ذلك من الاستعمالات الكثيرة منعوه بأن الولد حقيقة في ولد الصلب المتكون من النطفة المتولد منها ومجاز في ولد الولد ، بدليل أنه يصح سلبه ، فيقال انه ليس بولدي بل ولد ولدي ، وصحة النفي دليل المجاز ، ولظاهر قوله تعالى ( وَوَصّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) (٣) في قراءة من نصب.
ولا يرد أنه من عطف الخاص على العام ، لان الكلام إذا دار بين التأسيس والتأكيد فالتأسيس خير.
وضعفوه أيضاً بأنهم إن ادعوا شمول هذه لولد الولد بطريق الحقيقة ، فهو مردود بما بيناه من صحة السلب ، ولانه لو كان حقيقة في هذا المعنى أيضاً لزم الاشتراك والمجاز خير منه. وان أرادوا أنه بطريق المجاز لم يثبت مدعاهم.
أقول : فكيف أيدوه بقول الشاعر؟ وهو صريح في أن ولد الولد ولد ، إلا
__________________
(١) سورة النساء : ١١.
(٢) سورة النساء : ٢٣.
(٣) سورة البقرة : ١٣٢.