صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل ، فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله (ص) ونصرته ، والله لا يقصّر أحدكم عن نصرته ، إلا أورثه الله تعالى الذلّ في ولده والقلّة في عشيرته ، وها أنا ذا قد لبستُ للحرب لامتها وادرعتُ لها بدرعها ، مَن لَمْ يُقتل يَمت ، ومَن يهرب لَمْ يفت ، فأحسنوا رحمكم الله ردّ الجواب.
فقالت بنو حنظلة : يا أبا خالد ، نحن نبل كنانتك وفرسان عشيرتك ، إنْ رميتَ بنا أصبتَ وإنْ غزوتَ بنا فتحتَ ، لا تخوض والله غمرةً إلاّ خضناها ، ولا تلقى والله شدّة إلاّ لقيناها ، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا إذا شئت.
وتكلّمتْ بنو عامر بن تميم فقالوا : يا أبا خالد ، نحن بنو أبيك وحلفاؤك ، لا نرضى إنْ غضبتَ ، ولا نبقى إن ظعنتَ ، والأمر إليك فادعنا إذا شئت.
وقالت بنو سعد بن زيد : أبا خالد ، إنّ أبغض الأشياء إلينا خلافك والخروج عن رأيك ، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال يوم الجمل ، فحمدنا ما أمرنا وبقى عزّنا فينا ، فأمهلنا نراجع المشورة ونأتيك برأينا. فقال لهم : لئن فعلتموها لا رفع الله السّيف عنكم أبداً ، ولا زال سيفكم فيكم.
ثمّ كتب إلى الحسين (ع) : أمّا بعد ، فقد وصل إليَّ كتابك ، وفهمتُ ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظّي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك ، وإنّ الله لمْ يخل الأرض قط من عامل عليها بخير ودليل على سبيل نجاة ، وأنتم حُجّة الله على خلقه ووديعته في أرضه ، تفرّعتم من زيتونة أحمديّة هو أصلها وأنتم فرعها ، فأقدِم سعدتَ بأسعد طائر ، فقد ذللتُ لك أعناق بني تميم ، وتركتهم أشدّ تتابعاً في طاعتك من الإبل الظمّاء لورود الماء يوم خمسها ، وقد ذللتُ لك رقاب بني سعد ، وغسلتُ درن قلوبها بماء سحاب مزن حين استهلّ برقها فلمع.
فلمّا قرأ الحسين (ع) كتابه ، قال : «مالك ، آمنك الله من الخوف وأعزك وأرواك يوم العطش الأكبر».
ولمّا تجهز ابن مسعود إلى المسير ، بلغه قَتْل الحسين (ع) فاشتدّ جزعه ، وكثر