يُبشّر بالجنّة وهو يسير إلى حرب ابن بنت رسول الله؟! (١).
فقال له الحسين (ع) : «لقد أصبت خيراً وأجراً» (٢). وكان معه غلام تركي (٣).
نصيحة الحر لأهل الكوفة
ثمّ استأذن الحسينَ (ع) في أنْ يكلّم القوم فأذن له ، فنادى بأعلى صوته : يا أهل الكوفة لاُمّكم الهبل والعبر ؛ إذ دعوتموه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كلّ جانب فمنعتموه التوجّه إلى بلاد الله العريضة حتّى يأمن وأهل بيته ، وأصبح كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً ، وحلأتموه ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والنّصارى والمجوس ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه. وها هم قد صرعهم العطش ، بئسما خلفتم محمداً في ذريّته! لا سقاكم الله يوم الظمأ! فحملت عليه رجّالة ترميه بالنّبل ، فتقهقر حتّى وقف أمام الحسين (٤).
الحملة الاُولى
وتقدّم عمر بن سعد نحو عسكر الحسين ورمى بسهم وقال : اشهدوا لي عند الأمير إنّي أول من رمى. ثمّ رمى النّاس (٥) ، فلَم يبقَ من أصحاب الحسين أحد إلاّ أصابه من سهامهم (٦) ، فقال (عليه السّلام) لأصحابه : «قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بدّ منه ، فإنَّ هذه السّهام رسل القوم إليكم». فحمل أصحابه حملةً واحدةً (٧) واقتتلوا ساعة ، فما انجلت الغبرة إلاّ عن خمسين صريعاً (٨).
__________________
(١) أمالي الصدوق ص ٩٣ ، المجس الثلاثون.
(٢) مثير الأحزان لابن نما ص ٣١ ، وفي مقتل الحسين للخوارزمي ٢ ص ٩ : كان معه غلام له تركي.
(٣) الهبل (بالتحريك) : الثكل. والعبر (بالفتح) : الحزن ، وجريان الدمعة كاستعبر ، تاج العروس.
(٤) ابن الأثير ٤ ص ٢٧.
(٥) الخطط المقريزيّة ٢ ص ٢٨٧.
(٦) مقتل العوالم ص ٨٤.
(٧) اللهوف ص ٥٦.
(٨) البحار عن محمّد بن أبي طالب.