إليه ، فدخل معقل الجامع الأعظم ورأى مسلم بن عوسجة الأسدي يصلّي ، فلمّا فرغ دنا منه وقصّ عليه حاله ، فدعا له مسلم بالخير والتوفيق ، وأدخله على ابن عقيل ، فدفع إليه المال وبايعه (١) وسلّمه إلى أبي ثمامة الصائدي ، وكان بصيراً شجاعاً ومن وجوه الشيعة عيّنه مسلم لقبض ما يرد عليه من الأموال ؛ ليشتري به سلاحاً.
فكان ذلك الرجل يختلف إلى مسلم كلّ يوم فلا يُحجب عنه ويتعرّف الأخبار ، ويرفعها إلى ابن زياد عند المساء (٢).
موقف هاني
ولمّا وضح الأمر لابن زياد وعرف أنّ مسلماً مختبئ في دار هاني بن عروة ، دعا أسماء بن خارجة ومحمد بن الأشعث وعمرو بن الحَجّاج وسألهم عن انقطاع هاني عنه ، قالوا : الشكوى تمنعه ، فلم يقتنع ابن زياد بعد أن أخبرته العيون بجلوسه على باب داره كلّ عشيّة ، فركب هؤلاء الجماعة إليه وسألوه المسير إلى السّلطان فإنّ الجفاء لا يحتمله وألحّوا عليه ، فركب بغلته ، ولمّا طلع عليه قال ابن زياد : أتتك بخائن رجلاه (٣) ، والتفت إلى شريح القاضي وقال (٤) :
اُريد حباءه ويريد قتلي |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
__________________
(١) الأخبار الطوال ص ٢٣٧.
(٢) الارشاد للمفيد.
(٣) في مجمع الأمثال للميداني ١ ص ١٩ : قاله الحارث بن جبلة الغساني لمّا ظفر بالحرث بن عفيف العبدي حين هجاه.
(٤) في الاصابة ٢ ص ٢٧٤ (بترجمة قيس بن المكشوح) : إنّ البيت لعمرو بن معد يكرب من أبيات قالها في ابن اُخته وكانا متباعدين. وفي الأغاني ١٤ ص ٣٢ : إنّ أمير المؤمنين (ع) تمثل به لمّا دخل عليه ابن ملجم المرادي يبايعه.
وفي تاريخ اليعقوبي ٣ ص ٩٧ المطبة الحيدرية بالنجف : أنّ أبا العبّاس السفاح بلغه تحرك محمّد بن عبد الله بالمدينة ، فكتب إلى أبيه عبد الله بذلك وكتب في الكتاب.
اُريد حباءه ويريد قتلي |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
فكتب إليه عبد الله :
وكيف يريد ذاك وأنت منه |
|
بمنزلة النياط من الفؤاد |
وكيف يريد ذاك وأنت منه |
|
وزندك حين يقدح من زنادي |
وكيف يريد ذاك وأنت منه |
|
وأنت لهاشم رأس وهاد |