فاُخذ أسيراً وقُتل صبراً (١) ، فمشت إليه زوجته اُمّ وهب وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول : هنيئاً لك الجنّة أسأل الله الذي رزقك الجنّة أنْ يصحبني معك. فقال الشمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود ، فشدخه وماتت مكانها ، وهي أول امرأة قُتلت من أصحاب الحسين (ع) (٢).
وقطع رأسه ورمى به إلى جهة الحسين فأخذته اُمّه ومسحت الدم عنه ، ثمّ أخذت عمود خيمة وبرزت إلى الأعداء فردّها الحسين (ع) وقال : «ارجعي رحمك الله فقد وضِع عنك الجهاد». فرجعت وهي تقول : اللهمّ ، لا تقطع رجائي. فقال الحسين (ع) : «لا يقطع الله رجاءك» (٣).
وحمل الشمر حتّى طعن فسطاط الحسين (ع) بالرمح وقال : عليَّ بالنّار لاُحرقه على أهله. فتصايحت النّساء وخرجن من الفسطاط ، وناداه الحسين (ع) : «يابن ذي الجوشن ، أنت تدعو بالنّار لتحرق بيتي على أهلي؟! أحرقك الله بالنّار». وقال له شبث بن ربعي : أمرعباً للنّساء صرت؟ ما رأيت مقالاً أسوأ من مقالك ، وموقفاً أقبح من موقفك. فاستحى وانصرف.
وحمل على جماعته زهير بن القين في عشرة من أصحابه حتّى كشفوهم عن البيوت (٤).
عزرة يستمد الرجال
ولمّا رأى عزرة بن قيس ـ وهو على الخيل ـ الوهن في أصحابه والفشل كلّما يحملون ، بعث إلى عمر بن سعد يستمدّه الرجال ، فقال ابن سعد لشبث بن ربعي : ألا تقدم إليهم؟ قال : يا سبحان الله! تكلّف شيخ المصر ، وعندك مَن يجزي عنه. ولَم يزل شبث بن ربعي كارهاً لقتال الحسين ، وقد سُمع يقول : قاتلنا مع علي بن
__________________
(١) حكى هذا ابن الأثير ، وفي مقتل الخوارزمي ٢ ص ١٣ : إنّ شماله قُطعت بعد أن قُطعت يمينه.
(٢) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥١ ، وفي مسند أحمد ٢ ص ١٠٠ ، الطبعة الاُولى عن أبي عمر : مرّ رسول الله (ص) في غزاة غزاها بامرأة مقتولة ، فنهى عن قتل النّساء والصبيان.
(٣) تظلّم الزهراء (عليها السّلام) ص ١١٣.
(٤) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥١ ، واختصره الخوارزمي في المقتل ٢ ص ١٦.