موقف مسلم
ولمّا بلغ مسلم بن عقيل خطبة ابن زياد ووعيده وظهر له حال النّاس ، خاف أنْ يؤخذ غيلةً ، فخرج من دار المختار بعد العتمة إلى دار هاني بن عروة المذحجي ، وكان شديد التشيع (١) ، ومن أشراف الكوفة (٢) ، وقرّائها (٣) ، وشيخ مراد وزعيمها ، يركب في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل ، فإذا تلاها أحلافها من كندة ركب في ثلاثين ألفاً (٤) ، وكان من خواصّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (٥) ، حضر حروبه الثلاثة (٦) ، وأدرك النّبي (ص) ، وتشرّف بصحبته ، وكان له يوم قتله بضع وتسعون سنة (٧).
ونزل مع مسلم بن عقيل شريك (٨) بن عبد الله (٩) الأعور الحارثي
__________________
(١) كامل ابن الاثير ٤ ص ١٠.
(٢) الأخبار الطوال ص ٢٣٥.
(٣) الأغاني ١٤ ص ٩٥.
(٤) مروج الذهب ٢ ص ٨٩.
(٥) الاصابة ٣ ص ٦١٦ القسم الثالث.
(٦) ذخيرة الدارين ص ٢٧٨ ، وفي كامل ابن الأثير ٤ ص ١٠ : حارب في صفين مع عمار بن ياسر.
(٧) الاصابة ٣ ص ٦١٦ القسم الثالث.
(٨) الاصابة ٣ ص ٦١٦ القسم الثالث.
(٩) مقتل الخوارزمي ١ ص ٢٠١ : لقد اشتبه الأمر على الحجة السيد الامين في التعريف عن شريك (بالهمداني) ، والذي أوقعه في الاشتباه كلّ من ؛ الخوارزمي في مقتل الحسين ، وابن نما في مثير الأحزان ، مع ما ذكره ابن جرير في الذيل على تاريخه الملحق بالجزء الثاني عشر من تاريخ الاُمم والملوك. فإنّ سلسلة النسب المذكورة لشريك هي للحارث بن الأعور صاحب أمير المؤمنين ؛ ومنشأ الاشتباه قول المؤرخين (شريك بن الأعور الحارثي) ، وذهب عليهم أنّ شريكاً مذحجي والحارث الأعور همداني. وممَّن نصّ على مذحجية شريك ابن دريد في الاشتقاق ص ٤٠١ ، فإنّه قال : من رجال عبد المدان بن الحارث ، شريك بن الأعور الذي خاطب معاوية فقال :
أيشتمني معاوية بن حرب |
|
وسيفي صارم ومعي لساني |
وفي صفحة ٣٩٧ وما بعدها : رجال سعد العشيرة يسمّون مذحجاً ، وهو مالك بن أدد ، ومن رجالهم عبد المدان ، وبيت عبد المدان أحد بيوتات العرب الثلاثة ؛ بيت زرارة بن عدس في بني تميم ، وبيت خذيفة بن بدر في فزارة ، وبيت عبد المدان في بني الحارث ، ومن رجالهم شريك بن الأعور الذي خاطب معاوية وله معه حديث. والمحاورة التي جرت بين معاوية وشريك ذكرها الهمداني في (الاكليل ٢ / ٢٢٩ طبعة مصر سنة ١٣٨٦ ـ) ، وذكر فيها أربعة أبيات لشريك. وذكرها الابشيهي في (المستطرف ١ / ٥٥ الباب الثامن) في الأجوبة المسكتة ، وذكر ثلاثة أبيات. وذكرها ابن حجة في (ثمرات الأوراق) على هامش المستطرف ١ / ٤٥ ، وذكر الأجوبة الهاشمية ولم يذكر الشعر ، وذكر ستة أبيات فقط في (الحماسة البصرية ١ / ٧٠). وفي مادة (عوى) من تاج العروس الاشارة إلى هذه المحاورة. وفي (ربيع الابرار) للزمخشري باب الأجوبة المسكتة ذكر المحاورة وأبياتاً أربعة. وممّا يستأنس لمذحجيته ،