الرسول (ص) لمّا وصلوا إلى هذا المكان ، أسقطت زوجة الحسين (ع) سقطاً كان يُسمى (محسناً) (١).
وفي بعض المنازل نصبوا الرأس على رمح إلى جنب صومعة راهب ، وفي أثناء الليل سمع الراهب تسبيحاً وتهليلاً ، ورأى نوراً ساطعاً من الرأس المطهّر وسمع قائلاً يقول : السّلام عليك يا أبا عبد الله. فتعجّب حيث لَم يعرف الحال.
وعند الصباح استخبر من القوم ، قالو : إنّه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب واُمّه فاطمة بن محمّد النّبي (ص) فقال لهم : تبّاً لكم أيّتها الجماعة ، صدقت الأخبار في قولها (إذا قُتل تمطر السّماء دماً).
وأراد منهم أنْ يقبّل الرأس فلَم يجيبوه إلاّ بعد أن دفع إليهم دراهم ، ثمّ أظهر الشهادتين وأسلم ببركة المذبوح دون الدعوة الإلهيّة ، ولمّا ارتحلوا عن هذا المكان نظروا إلى الدراهم وإذا مكتوب عليها : وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (٢).
أيُهدى إلى الشامات رأس ابن فاطمٍ |
|
ويقرعه بالخيزرانة كاشحه |
وتُسبى كريمات النبيّ حواسراً |
|
تغادي الجوى من ثكلها وتراوحه |
يلوح لها رأس الحسين على القنا |
|
فتبكي وينهاها عن الصبر لائحه |
وشيبته مخضوبة بدمائه |
|
يلاعبها غادي النسيم ورائحه (٣) |
في الشام
ولمّا قربوا من دمشق ، أرسلت اُمّ كلثوم إلى الشمر تسأله أنْ يدخلهم في درب قليل النظّار ، ويخرجوا الرؤوس من بين المحامل ؛ لكي يشتغل النّاس بالنّظر إلى
__________________
(١) في معجم البلدان ٣ ص ١٧٣ ، بمادة جوشن ، وخريدة العجائب لابن الوردي ص ١٢٨ ، عند ذكر جبل جوشن : إنّ بعض سبي الحسين (ع) طلب ممّن يقطن هناك من الصنّاع خبزاً وماءً ، فامتنع فدعا عليهم ؛ ومن ذلك لا يربح أهل ذلك الموضع.
(٢) تذكرة الخواص ص ١٥٠.
(٣) للعلامة الشيخ عبد الحسين الأعسم النجفي (رحمه الله).