الرؤوس. فسلك بهم على حالة تقشعّر من ذكرها الأبدان وترتعد لها فرائص كلّ إنسان.
وأمر أنْ يُسلك بهم بين النظّار ، وأنْ يجعلوا الرؤوس وسط المحامل (١).
وفي أول يوم من صفر دخلوا دمشق (٢) فأوقفوهم على (باب السّاعات) (٣) وقد خرج النّاس بالدفوف والبوقات ، وهم في فرح وسرور ، ودنا رجل من سكينة وقال : من أيّ السّبايا أنتم؟ قالت : نحن سبايا آل محمّد (ص) (٤).
وكان يزيد جالساً في منظره على جيرون ، ولمّا رأى السّبايا والرؤوس على أطراف الرماح ، وقد أشرفوا على ثنية جيرون ، نعب غراب ، فأنشأ يزيد يقول :
لمّا بدت تلك الحمول وأشرقت |
|
تلك الرؤوس على شفا جيرون (٥) |
نعب الغراب فقلتُ قل أو لا تقل |
|
فقد أقتضيت من الرسول ديوني |
ومن هنا حكم ابن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السّيوطي بكفره ولعنه (٦).
__________________
(١) اللهوف ص ٩٩ ، ومثير الأحزان لابن نما ص ٥٣ ، ومقتل العوالم ص ١٤٥.
(٢) نصّ عليه كامل البهائي ، والآثار الباقية للبيروني ص ٣٣١ طبعة الاُفست ، والمصباح للكفعمي ص ٢٦٩ ، وتقويم المحسنين للفيض ص ١٥ ، وبناءً على ما في تاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٦ ، من حبسهم في السّجن إلى أنْ يأتي البريد من الشام يخبرهم ببعد وصولهم إلى الشام في أول صفر فإنّ المسافة بعيدة تستدعي زمناً طويلاً ، اللهمّ إلاّ أنْ يكون البريد من طريق الطير.
(٣) مقتل الخوارزمي ٢ ص ٦١ روى : إنّهم اُدخلوا مدينة دمشق من باب (توما) ، وهذا الباب كما في ثمار المقاصد ص ١٠٩ : أحد أبواب مدينة دمشق القديمة. ويحدّث أبو عبد الله محمّد بن علي بن ابراهيم المعروف بابن شدّاد المتوفّى (سنة ٦٨٤ هـ) في أعلاق الخطيرة ٢ ص ٧٢ قال : إنّما سمّي بباب السّاعات ؛ لأنّه عمل هناك بنظام السّاعات ، يعلم بها كلّ ساعة تمضي من النّهار عليها عصافير من نحاس وغراب وحيّة من نحاس ، فإذا أتمّت السّاعة خرجت الحيّة فصفرت العصافير وصاح الغراب وسقطت حصاة في الطشت.
(٤) أمالي الصدوق ص ١٠٠ المجلس الواحد والثلاثون ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٦٠.
(٥) في صورة الأرض لابن حوقل ص ١٦١ طبعة الاُفست في دمشق : ليس في الإسلام أحسن منه ، كان مصلّى الصابئين ثمّ صار لليونان يعظّمون فيه دينهم ، ثمّ صار لليهود ، وملوك عبدة الأصنام ، وباب هذا المسجد يُسمّى باب جيرون ، صُلب على هذا الباب رأس يحيى بن زكريا وصلب على جيرون رأس الحسين بن علي (ع) في الموضع الذي صُلب فيه رأس يحيى بن زكريا. ولمّا كان أيّام الوليد بن عبد الملك جعل وجه جدرانه رخاماً ... ، ويظهر إنّ هذا المسجد هو الجامع الاُموي.
(٦) روح المعاني للآلوسي ٢٦ ص ٧٣ ، آية (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) قال الآلوسي : أراد بقوله : (فقد اقتضيت من الرسول ديون) أنّه قتل بما قتله رسول الله (ص) يوم بدر ، كجدّه عتبة وخاله وغيرهما ، وهذا كفر