وخرّقه وجعله تحت ثيابه (١) ، ودعا بسراويل حبرة ، ففزرها ولبسها ؛ لئلاّ يسلبها (٢).
الرضيع
ودعا بولده الرضيع يودّعه ، فأتته زينب بابنه عبد الله (٣) واُمّه الرباب فأجلسه في حجره يقبّله (٤) ويقول : «بُعداً لهؤلاء القوم إذا كان جدّك المصطفى خصمهم» (٥). ثمّ أتى به نحو القوم يطلب له الماء ، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه ، فتلقّى الحسين (ع) الدم بكفّه ، ورمى به نحو السّماء.
قال أبو جعفر الباقر (ع) : «فلَم تسقط منه قطرة» (٦). وفيه يقول حُجّة آل محمّد (عجّل الله فرجه) : «السّلام على عبد الله الرضيع ، المرمي الصريع المتشحط دماً ، والمصعد بدمه إلى السّماء ، المذبوح بالسّهم في حجر أبيه ، لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه» (٧).
أعزز عليَّ وأنت تحمل طفل |
|
ك الظامي وحرّ أوامه لا يبرد |
قد بحَّ من لفح الهجيرة صوته |
|
بمرنة منها يذوب الجلمد |
وقصدت نحو القوم تطلب منهم |
|
ورداً ولكن أين منك المورد |
__________________
(١) مجمع الزوائد لابن حجر الهيثمي ٩ ص ١٩٣ ، والبحار ١٠ ص ٢٠٥.
(٢) اللهوف ص ٦٩ ، وتاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٩.
(٣) سمّاه ابن شهر آشوب في المناقب ٢ ص ٢٢٢ : علي الأصغر. وذكر السيد ابن طاووس في الإقبال زيارة للحسين (ع) يوم عاشوراء : وفيها صلّى الله عليك وعليهم وعلى ولدك علي الأصغر الذي فُجعت به. والذي نصّ على أنّه عبد الله واُمّه الرباب ، الشيخ المفيد في الاختصاص ص ٣ ، وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ٣٥ ، ومصعب الزبيري في نسب قريش ص ٥٩ ، وفي سرّ السلسلة ص ٣٠ : المقتول بالسّهم في حجر أبيه عبد الله. ولّم يذكر اُمّه.
(٤) اللهوف ص ٦٥ وفي تاريخ اليعقوبي ٢ ص ٢١٨ طبعة النجف : أن الحسين لَواقف إذ أتي بمولود له وُلِد السّاعة أذّن في اُذنه وجعل يحنكه ، إذ أتاه سهم وقع في حلق الصبي فذبحه ، فنزع الحسين (ع) السّهم من حلقه ، وجعل يلطّخه بدمه ويقول : «والله لأنت أكرم على الله من النّاقة ، ولَمحمد أكرم على الله من صالح». ثمّ أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه.
(٥) البحار ١٠ ص ٢٣ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٢٢.
(٦) في مناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢٢٢ : لَم يرجع منه شيء وذكر ابن نما في مثير الأحزان ، ٣٦ ، والسيد في اللهوف ص ٦٦ : رواية الباقر (ع). وذكر ابن كثير في البداية ٨ ص ١٨٦ والقرماني في أخبار الدول ص ١٠٨ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٣٢ : رمى به نحو السّماء. قال ابن كثير : والذي رماه بالسّهم رجل من بني أسد يقال له (ابن موقد النّار).
(٧) زيارة النّاحية المقدسة. والأبيات للخطيب الفاضل سيّد محمّد جواد شبر.