فصاحت اُمّ كلثوم : يا أهل الكوفة ، أما تستحون من الله ورسوله أنْ تنظروا إلى حرم النّبي (ص)؟ (١).
وأشرفت عليهنّ امرأة من الكوفيّات ورأتهن على تلك الحال التي تشجي العدوّ الألد فقالت : من أي الاُسارى أنتم؟ قلن : نحن اُسارى آل محمد (٢).
وأخذ أهل الكوفة يناولون الأطفال التمر والجوز والخبز ، فصاحت اُمّ كلثوم وهي زينب الكبرى : إنّ الصّدقة علينا حرام. ثمّ رمت به إلى الأرض (٣).
أبا حسن تغضي وتلتذّ بالكرى |
|
وبالكفّ أمست تستر الوجه زينب |
أبا حسن ترضى صفاياك في السّبا |
|
ونسوة حرب بالمقاصير تحجب |
وتلوي للين الفرش جنباً وهذه |
|
بناتك فوق العيس للشام تجلب |
ويهنيك عيش والعقائل حسّر |
|
إذا ما بكت بالأصبحية تضرب |
تشرّق فيها تارة عصب الخنا |
|
وطوراً بها نحو الشئام تغرّب |
بلا كافل تطوي المهامه لغباً |
|
ويسمعها ما يشعب القب غيهب |
فأصواتها بحّت وذابت قلوبها |
|
وأنفاسها كادت من الحزن تذهب |
عجبت ومن في الدهر سرّح طرفه |
|
وفكّر فيه لم يزل يتعجّب |
يزيد الخنا في دسته متقلّب |
|
ويمسي حسين في الثرى يتقلّب |
ويحمل منه الرأس في الرمح جهرة |
|
وفي التاج رأس ابن الدعيّة يعصب |
ويبقى ثلاثاً عارياً ويزيدها |
|
على جسمه يغدر الدمقس المذهّب (٤) |
خطبة زينب
ولقد أوضحت ابنة أمير المؤمنين (ع) للنّاس خُبث ابن زياد ولؤمه في خطبتها بعد أنْ أومأت إلى ذلك الجمع المتراكم ، فهدأوا حتّى كأنَّ على رؤوسهم
__________________
(١) الدمعة الساكبة ص ٣٦٤.
(٢) ابن نما ص ٨٤ ، واللهوف ص ٨١.
(٣) أسرار الشهادة ص ٤٧٧ ، وتظلّم الزهراء (عليها السّلام) ص ١٥٠.
(٤) من قصيدة في الحسين (ع) للشيخ حسّون الحلي المتوفى سنة (١٣٠٥ هـ) ، شعراء الحلّة ٢ ص ١٥٥.