الطير. وليس في وسع العدد الكثير أنْ يسكن ذلك اللغط أو يردّ تلك الضوضاء لولا الهيبة الإلهيّة والبهاء المحمّدي الذي جلّل عقيلة آل محمّد (ص).
فيقول الراوي : لمّا أومأت زينب ابنة علي (ع) إلى النّاس ، فسكنت الأنفاس والأجراس ، فعندها اندفعت بخطابها مع طمأنينة نفس وثبات جأش ، وشجاعة حيدريّة ، فقالت (صلوات الله عليها) :
الحمد لله والصلاة على أبي محمّد وآله الطيّبين الأخيار. أمّا بعد ، يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر ، أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنّة ، إنّما مثَلكم كمثَل التي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً ، تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم ، ألا وهل فيكم إلاّ الصلف النطف (١) والعجب والكذب والشنف (٢) وملق الإماء (٣) ، وغمز الأعداء (٤)؟! أو كمرعى على دمنة (٥) أو كقصّة على ملحودة (٦) ، ألا بئس ما قدّمتْ لكم أنفسكم أنْ سخط الله عليكم ، وفي العذاب أنتم خالدون.
__________________
(١) الصلف (بفتحتين) : الذي يتمدح بما ليس عنده. والنطف : القذف بالفجور.
(٢) الشنف : المبغض بغير حق.
(٣) الملق : التذلل.
(٤) الغمز : الطعن بالشر.
(٥) الغرض التعريف ، بأنّ الدمنة وإنْ زها ظاهرها بالنبت ، إلاّ أنّه لا يفيد الحيوان قوّة ؛ لأنّها مجمع الأوساخ والكثافات السّامة القاتلة ، فنتاج الدمنة لا يكون طيّبا. وأهل الكوفة وإنْ زها ظاهرهم بالإسلام إلاّ أنّ الصدور انطوت على قلوب مظلمة ، لا يصدر منها إلاّ بما يقوم به أهل الجأهليّة والإلحاد.
(٦) في رواية اللهوف وابن نما (فضة) بالفاء الموحدة والضاد المعجمة ولم يتضح المراد منه بعد عدم الترجيح على الذهب وغيره ، نعم رواية ابن شهر اشوب في المناقب (قصة) بالقاف المثناة والصاد المهملة وهي الجص تتناسب مع الملحودة التي هي القبر ولم ينكر أهل اللغة هذا المعنى ففي الصحاح للجوهري قصص داره أي جصصها وفي تاج العروس ج ٤ ص ٤٢٣ تقصيص الدار تجصيصها وكذلك قبر مقصص ومنه الحديث نهى النبي (صلّى الله عليه وآله) عن تقصيص القبور وهو بناؤها بالقصة وفيه ص ٤٢٢ قال القصة هي الجص بلغة الحجاز أو الحجارة من الجص وعن ابن دريد ان ابا سعيد السيرافي يقول بكسر القاف وعند غيره بفتحها وفي الفائق للزمخشري ج ٢ ص ١٧٣ روى ان النبي (صلّى الله عليه وآله) نهى عن تطيين القبور وتقصيصها اي تجصيصها فان القصة هي الجصة وفي غريب الحديث لأبي عبيد ج ١ ص ٢٧٧ حيدر آباد التقصيص الجص يقال قصصت القبور والبيوت اذا جصصتها وفي (لحن العوام) ص ١٤٥ للزبيدي تقصيص القبور تبييضها بالجص وفي نيل الأوطار للشوكاني ج ٤ ص ٧٣ القصة بفتح القاف وتشديد الصاد لمهملة هي الجص وفي مسند احمد ج ٢ صفحة ١٣٧ عن عبد الله بن عمر ان عثمان بنى جدار مسجد النبي (صلّى الله عليه وآله) بالحجارة المنقوشة والقصة وفي تاريخ المدينة للمسعودي ج ٢ صفحة ١٠٥ كان قبر حمزة مبنياً بالقصة أي مجصص لا خشب عليه وفي البحار ج ١٨ ص ٣٧٤ باب الدفن عن معاني الاخبار قال : تقصيص القبور تجصيصها لان الجص يقال له القصة وفي النهاية لابن