تنصروهم ، فاُعيذكم بالله أنْ تقتلوهم ، فخلّوا بين هذا الرجل وبين يزيد ، فلَعمري إنّه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين (ع).
فرماه الشمر بسهم وقال : اسكت أسكت الله نامتك ، أبرمتنا بكثرة كلامك.
فقال زهير : يابن البوّال على عقبيه ، ما إيّاك اُخاطب ، إنّما أنت بهيمة والله ما أظنّك تحكم من كتاب الله آيتَين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.
فقال الشمر : إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.
فقال زهير : أفبالموت تخوّفني؟ فوالله لَلموت معه أحبّ إليَّ من الخلد معكم. ثمّ أقبل على القوم رافعاً صوته وقال :
عباد الله ، لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فوالله لا تنال شفاعة محمّد (ص) قوماً هرقوا دماء ذريّته وأهل بيته ، وقتلوا مَن نصرهم وذبَّ عن حريمهم.
فناداه رجل من أصحابه ، إنّ أبا عبد الله يقول لك : «أقبِل ، فلَعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء ، فلقد نصحتَ هؤلاء وأبلغت لَو نفع النّصح والإبلاغ» (١).
خطبة بُرير
واستأذن الحسينَ برير بن خضير (٢) في أنْ يكلّم القوم ، فأذن له ـ وكان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القرّاء في جامع الكوفة ، وله في الهمدانيّين شرف وقدر ـ
فوقف قريباً منهم ونادى : يا معشر النّاس ، إنّ الله بعث محمداً بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله وسراجاً منيراً ، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السّواد وكلابه
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٤٣.
(٢) قال ابن الأثير في الكامل ٤ ص ٣٧ : برير (بالباء الموحّدة ، وفتح الراء المهملة ، وسكون الياء المثناة من تحتها ، وآخره راء). وخضير (بالخاء والضاد المعجمتين).