الهلكة ، إنْ كان ما ينسب إليه من المنازعة صحيحاً ولعلّ ما يذكر في عمدة الطالب طبعة النّجف يؤيّد هذه النّسبة وذلك : إنّه خرج إلى النّاس في ثياب معصفرة يقول : أنا الرجل الحازم ، حيث لَم أخرج فاقتل. وقد وضح التناقض في كلام أبي الفرج فإنّ تسجيل خروج (اُمّ البنين) إلى البقيع وندبتها أولادها يدلّ على حياتها يوم الطفّ ، ثمّ نصّه على ميراث العبّاس لإخوته يشهد بوفاتها ذلك اليوم ... وكم له من هفوات!
عبد الله بن جعفر
قال ابن جرير : لمّا ورد نعي الحسين (ع) جلس عبد الله بن جعفر للعزاء ، وأقبل النّاس يعزّونه فقال مولاه (أبو اللسلاس) (١) : هذا ما لقيناه من الحسين. فحذفه بنعله وقال : يابن اللخناء أللحسين تقول ذلك؟! والله لو شهدته لأحببت أنْ لا اُفارقه حتّى اُقتل معه ، والله إنّه لمِّما يسخى بنفسه عن ولديّ ويهون عليّ المصاب بهما أنّهما أصيبا مع أخي وابن عمّي مواسيَين له صابرَين معه. ثمّ أقبل على جلسائه وقال : الحمد لله لقد عزّ عليَّ المصاب بمصرع الحسين (ع) أنْ لا أكون واسيته بنفسي ، فلقد واساه ولداي (٢) ... ومن عجب التاريخ حديث البلاذري (٣) والمحسن التنوخي (٤) وفود عبد الله بن جعفر على (يزيد) وإكرامه إيّاه بأكثر ممّا يكرمه أبوه معاوية.
إنّ مَن يدرس نفسيّة ابن جعفر يتجلّى له كذب القصّة التي أرسلها المدائني واستند إليها البلاذري والتنوخي. فإنّ الواقف على الرجال الموتورين لا يعدّون الجزم بالتهاب قلوبهم ناراً على واترهم ويترقّبون الفرص للأخذ بالثأر. يشهد له حديث عبد الله بن اُبَي بن سلول مع النّبي ، وذلك إنّ اُبياً لمّا صدر منه ما حكاه الكتاب العزيز (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ) فجاء عبد الله إلى نبيّ الإسلام وقال : لقد بلغتك هذه الكلمة من أبي
__________________
(١) في الإرشاد للشيخ المفيد ، وكشف الغمّة للأربلي ص ١٩٤ : أبو السلاسل.
(٢) تاريخ الطبري ٦ ص ٢١٨.
(٣) أنساب الأشراف ٤ ص ٣.
(٤) المستجاد من فعلات الأجواد ص ٢٢.