محمد بن الأشعث يقول : ليس بيني وبين محمّد قرابة. اللهمّ أرني فيه هذا اليوم ذلاً عاجلاً» ، فاستجاب الله دعاءه ، فخرج محمّد بن الأشعث من العسكر ، ونزل عن فرسه لحاجته ، وإذا بعقرب أسود يضربه ضربة تركته متلوّثاً في ثيابه ممّا به (١) ومات باديَ العورة (٢).
قال مسروق بن وائل الحضرمي : كنتُ في أوّل الخيل التي تقدّمت لحرب الحسين ؛ لعلّي أنْ اُصيب رأس الحسين فأحظى به عند ابن زياد ، فلمّا رأيت ما صُنع بابن حوزة عرفت أنّ لأهل هذا البيت حرمة ومنزلة عند الله ، وتركت النّاس وقلت : لا اُقاتلهم فأكون في النّار (٣).
خطبة زهير بن القين
وخرج إليهم زهير بن القين على فرس ذنوب وهو شاك في السّلاح فقال : يا أهل الكوفة ، نذار لكم من عذاب الله إنَّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتّى الآن إخوة على دين واحد ، ما لَم يقع بيننا وبينكم السّيف ، وأنتم للنصيحة منّا أهل ، فإذا وقع السّيف انقطعت العصمة ، وكنّا اُمّة وأنتم اُمّة ، إنّ الله ابتلانا وإيّاكم بذريّة نبيّه محمّد (ص) ؛ لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد ، فإنّكم لا تدركون منهما إلاّ سوء عمر سلطانهما ، يسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ويمثّلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النّخل ، ويقتلان أماثلكم وقرّاءكم أمثال حِجر بن عدي وأصحابه ، وهاني بن عروة وأشباهه. فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا : لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومَن معه أو نبعث به وبأصحابه إلى عبيد الله بن زياد سلماً.
فقال زهير : عباد الله إنّ ولد فاطمة أحقّ بالودّ والنّصر من ابن سميّة ، فإنْ لم
__________________
(١) مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٤٩ فصل ١١ : واقتصر الصدوق في الأمالي على دعائه على محمّد بن الأشعث.
(٢) روضة الواعظين للفتال ص ١٥٩ طبع أول.
(٣) الكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٢٧.