أخي كنتَ لي درعاً ونصلا كلاهما |
|
فقدتُ فلا درعي لديَّ ولا نصلي (١) |
غرور ابن سعد
وأرسل الحسين عمرو بن قرظة الأنصاري إلى ابن سعد يطلب الاجتماع معه ليلاً بين المعسكرين ، فخرج كلّ منهما في عشرين فارساً ، وأمر الحسين مَن معه أنْ يتأخّر إلاّ العبّاس وابنه علياً الأكبر ، وفعل ابن سعد كذلك وبقي معه ابنه حفص وغلامه.
فقال الحسين : «يابن سعد أتقاتلني؟ أما تتقي الله الذي إليه معادك؟! فأنا ابن مَن قد علمتَ! ألا تكون معي وتدع هؤلاء فإنّه أقرب إلى الله تعالى؟»
قال عمر : أخاف أنْ تهدم داري. قال الحسين : «أنا أبنيها لك». فقال : أخاف أنْ تؤخذ ضيعتي. قال (عليه السّلام) : «أنا أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز» (٢) ، ويروى أنّه قال لعمر : «أعطيك البغيبغة» ، وكانت عظيمة فيها نخل وزرع كثير ، دفع معاوية فيها ألف ألف دينار فلَم يبعها منه (٣). فقال ابن سعد : إنّ لي بالكوفة عيالاً وأخاف عليهم من ابن زياد القتل.
ولما أيس منه الحسين قام وهو يقول : «مالك ، ذبحك الله على فراشك عاجلاً ، ولا غفر لك يوم حشرك ، فوالله إنّي لأرجو أنْ لا تأكل من بَرّ العراق إلا يسيراً». قال ابن سعد مستهزءاً : في الشعير كفاية (٤).
وأول ما شاهده من غضب الله عليه ذهاب ولاية الري ، فإنّه لمّا رجع من كربلاء طالبه ابن زياد بالكتاب الذي كتبه بولاية الري ، فادّعى ابن سعد ضياعه ، فشدّد عليه باحضاره ، فقال له ابن سعد : تركته يقرأ على عجائز قريش اعتذاراً منهن ، أما والله لقد نصحتك بالحسين نصيحة لَو نصحتها أبي سعداً كنت قد أديت حقّه. فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله : صدق ، وددتُ أنّ في أنف كلّ
__________________
(١) للشيخ محسن أبو الحب الحائري رحمه الله.
(٢) مقتل العوالم ص ٧٨.
(٣) تظلّم الزهراء (عليها السّلام) ص ١٠٣.
(٤) تظلّم الزهراء (عليها السّلام) ص ١٠٣ ، ومقتل الخوارزمي ١ ص ٢٤٥.