نفسه بالدنوّ منهم فرقاً من ذلك البطل المغوار ، فبلت غلة الحرائر والصبية الطيّبة من ذلك الماء (١).
ولكن لا يفوتنا أنّ تلك الكميّة القليلة من الماء ما عسى أن تجدي اُولئك الجمع الذي هو أكثر من مئة وخمسين رجالاً ونساءً وأطفالاً أو أنّهم ينيفون على المئتين ، ومن المقطوع به أنّه لَم ترو أكبادهم إلاّ مرّة واحدة فسرعان أنْ عاد إليهم الظما ، وإلى الله ورسوله المشتكى.
إذا كان ساقي الحوض في الحشر حيدر |
|
فساقي عطاشي كربلاء أبو الفضل |
على أنّ الناس في الحشر قلبه |
|
مريع وهذا بالظلما قلبه يغلي |
وقفتُ على ماء الفرات ولَم أزل |
|
أقول له والقول يحسنه مثلي |
علامك تجري لا جريت لوارد |
|
وأدركت يوماً بعض عارك بالغسل |
أما نشفت أكباد آل محمّد |
|
لهيباً ولا ابتلَّت بعلٍّ ولا نهل |
من الحقّ أنْ تذوي غصونك ذبّلا |
|
أسىً وحياء من شفاههِمُ الذُبل |
فقال استمع للقول إنْ كنت سامعاً |
|
وكنْ قابلا عذري ولا تكثرنْ عذلي |
ألا إنّ ذا دمعي الذي أنت ناظر |
|
غداى جعلت النوح بعدهُمُ شغلي |
برغمي أرى مائي يلذ سواهمُ |
|
به وهم صرعي على عطش حولي |
جزى الله عنهم في المواساة عمَّهم |
|
أبا الفضل خيراً لو شهدت أبا الفضل |
لقد كان سيفاً صاغه بيمينه |
|
عليّ فلم يحتج شباه إلى الصقل |
إذا عدَّ ابناء النبيِّ محمّد |
|
رآه أخاهم من رآه بلا فضل |
ولم أرَ ظامٍ (٢) حوله الماء قبله |
|
ولَم يرو منه وهو ذو مهجة تغلي |
وما خطبه إلاّ الوفاء وقلَّ ما |
|
يرى هكذا خلا وفيّاً مع الخلِّ |
يميناً بيمناك القطيعة والتي |
|
تسمى شمالاً وهي جامعة الشمل |
بصبرك دون ابن النبيِّ بكربلا |
|
على الهَول امر لا يحيط به عقلي |
ووافاك لا يدري افقدك راعه |
|
أم العرش غالته المقادير بالثل |
__________________
(١) مقتل محمّد بن أبي طالب. وعلى هذه الرواية يكون طلبهم للماء في السابع ، ولعلّه هو المنشأ في تخصيص ذكر العبّاس بيوم السابع. وفي أمالي الصدوق ص ٩٥ ، المجلس الثالث : أرسل الحسين بن علي ولده علياً الأكبر في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليستقوا الماء.
(٢) كذا ورد في ديوان الشاعر أبي الحب.