أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ، ثمّ عدونا على ولده وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سميّة الزانية ، ضلال يا لك من ضلال! والله لا يعطي الله أهل هذا المصر خيراً أبداً ، ولا يسدّدهم لرشد (١). فمدّه بالحصين بن نُمير في خمسمئة من الرماة ، واشتدّ القتال ، وأكثر أصحاب الحسين (ع) فيهم الجراح حتّى عقروا خيولهم وأرجلوهم (٢) ، ولَم يقدروا أنْ يأتوهم من وجه واحد ؛ لتقارب أبنيتهم. فأرسل ابن سعد الرجال ليقوضوها عن أيمانهم وعن شمائلهم ؛ ليحيطوا بهم. فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسين (ع) يتخلّلون البيوت فيشدّون على الرجل وهو ينهب فيقتلونه ويرمونه من قريب فيعقرونه.
فقال ابن سعد : احرقوها بالنّار فأضرموا فيها النّار. فصاحت النّساء ودُهشت الأطفال ، فقال الحسين (ع) : «دعوهم يحرقونها ، فإنّهم إذا فعلوا ذلك لَم يجوزوا إليكم». فكان كما قال (٣).
أبو الشعثاء
وكان أبو الشعثاء الكندي ـ وهو يزيد بن زياد ـ مع ابن سعد ، فلمّا ردّوا الشروط على الحسين (ع) صار معه ، وكان رامياً فجثا على ركبتَيه بين يدَي الحسين ورمى بمئة سهم والحسين (ع) يقول : «اللهمّ سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنّة». فلمّا نفدت سهامه قام وهو يقول : لقد تبيّن لي أنّي قتلت منهم خمسة (٥). ثمّ حمل على القوم فقتل تسعة نفر وقُتل (٤).
الزوال
والتفت أبو ثمامة الصائدي (٦) إلى الشمس قد زالت ، فقال للحسين (ع) : نفسي
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥١.
(٢) إعلام الورى ص ١٤٥ ، وابن الأثير ٤ ص ٢٨.
(٣) ابن الأثير ٤ ص ٢٨ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ١٦.
(٤) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٥.
(٥) أمالي الصدوق ص ١٧ المجلس الثلاثون ، وفي ذخيرة الدارين : قتل تسعة عشر رجلاً.
(٦) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٣٧٣ ، والإكليل للهمداني ١٠ ص ٩٧ : أبو ثمامة : هو